للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن انقرض أحد الأولاد انتقل نصيبه منه إلى إخوته أو إلى من شرط الواقف انتقاله إليه بغير يمين لما ذكرنا، فإن امتنع البطن الأول من اليمين فقد ذكرنا أن نصيبهم يكون وقفًا عليهم بإقرارهم. فإذا انقرضوا كان ذلك وقفًا على حسب ما أقروا به، فإذا كان إقرارهم أنه وقف عليهم ثم على أولادهم، فقال أولادهم، نحن نحلف ما شهدنا لتكون جميع الدار وقفًا لنا فلهم ذلك، لأنهم ينقلون الوقف من الواقف فلهم إثباته كالبطن الأول.

وإذا وقف على من لا يجوز ثم على من يجوز فهو وقف منقطع الابتداء كالوقف على عبده وأم ولده أو مجهول، فإن لم يذكر له مآلها فالوقف باطل، وكذلك إن جعل له ما لا يجوز الوقف عليه؛ لأنه أخل بأحد شرطى الوقف فبطل كما لو وقف ما لا يجوز وقفه، وإن جعل له ما لا يجوز الوقف عليه كمن يقف على عبده ثم على المساكين، ففى صحته وجهان بناءً على تفريق الصفقة،، فإذا قلنا: يصح، وهو قول القاضي وكان من لا يجوز الوقف عليه لا يمكن اعتبار انقراضه كالميت المجهول والكنائس صرف في الحال إلى من يجوز الوقف عليه؛ لأننا لما صححنا الوقف مع ذكر ما لا يجوز الوقف عليه، فقد ألغيناه لتعذر التصحيح مع اعتباره، وإن كان من لا يجوز الوقف عليه يمكن اعتبار انقراضه كأم ولد وعبد معين فكذلك ذكره أبو الخطاب، وفيه وجه آخر أنه يصرف في الحال إلى مصرف الوقف المنقطع إلى أن ينقرض من لا يجوز الوقف عليه. فإذا انقرض صرف إلى من يجوز، ذكره القاضي وابن عقيل؛ لأن الواقف إنما جعله وققًا على من يجوز بشرط انقراض هذا فلا يثبت بدونه ويفارق ما لا يمكن اعتبار انقراضه لتعذر اعتباره، وإن كان الوقف صحيح الطرفين منقطع الوسط مثل أن يقف على ولده ثم على عبيده ثم على المساكين، خرج في صحة الوقف وجهان كمنقطع الانتهاء، ثم ينظر فيما لا يجوز الوقف عليه، فإن لم يمكن اعتبار انقراضه ألغيناه إذا قلنا بالصحة، وإن أمكن اعتبار انقراضه فهل يعتبر أو يلغى؟ على وجهين كما تقدم، وإن كان منقطع الطرفين صحيح الوسط كرجل وقف على عبيده ثم على أولاده ثم على الكنيسة خرج في صحته وجهان. ومصرفه بعد من يجوز إلى مصرف الوقف المنقطع.

وإن وقف على من يجوز ثم على من لا يجوز كمن وقف على أولاده ثم على العبيد صح الوقف أيضًاء ويرجع بعد انقراض من يجوز الوقف عليه إلى من يصرف إليه الوقف المنقطع كالمسألة قبلها؛ لأن ذكر من لا يجوز الوقف عليه وعدمه واحد يحتمل أن لا يصح الوقف، لأنه جمع بين ما يجوز وما لا يجوز فأشبه تفريق الصفقة. (١).

[مذهب الظاهرية]

ورد مصطلح انقراض في كتاب (المحلى): بمعنى انقراض العصر، وجاء ذلك في مسألة شهادة ولد الزنا، قال ابن حزم: فإن قيل: قد جاء: "ولد الزنا شر الثلاثة" (٢)؟.


(١) المغني مع الشرح الكبير: ٦/ ٢٢٠.
(٢) سنن أبى داود، كتاب العتق، باب في عتق ولد الزنا.