للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبان فى نقله الى مكة ضررا فالظاهر أن كل واحدة منهما علة مستقلة وحيث اخذ القيمة فهى للفيصولة لا للحيلولة فلو اجتمعا فى بلد الاقراض لم يكن للمقرض ان يردها ويطلب المثل ولا للمقترض ان يستردها - قال الشبراملسى فى حاشيته وتعرف قيمة القرض ببلد الاقراض مع كونهما فى غيرها اما ببلوغ الأخبار أو باستصحاب ما علموه ببلد الاقراض قبل مفارقتها او بعد بلوغ الخبر - هذا اذا كانت له مؤنة اما اذا لم تكن له مؤنة أو كانت له وتحملها المقرض فيطالبه به. نعم النقد اليسير الذى يعسر نقله او تفاوتت قيمته بتفاوت البلاد يكون حكمه مثل حكم الذى لنقله مؤنة كما قاله الامام رحمه الله تعالى. ومثل الشبراملسى والرشيدى للنقد الذى يعسر نقله بما يخاف عليه الطريق او نحو ذلك وقال الرشيدى مثال النقد الذى تتفاوت قيمته بتفاوت البلاد، ما اذا اقرضه دنانير مثلا فى مصر ثم لقيه فى مكة وقيمة الذهب فيها اكثر كما هو الواقع فليس له ان يطالبه بالمثل وانما يطالبه بالقيمة ولو أن من اقترض لنفسه رد من ماله زائدا على القدر المقرض قدرا أو صفة بلا شرط‍ فحسن ومن ثم ندب له ذلك، ولم يكره للمقرض ان يأخذ الزائد كقبول هديته ولو فى الربوى للخبر المروى عن الرسول صلى الله عليه وسلم «إن خياركم احسنكم قضاء» نعم الاولى كما قال الماوردى رحمه الله تعالى ان يتنزه عنها قبل رد البدل ولو اقرض من عرف برد الزيادة قاصدا ذلك كره فى أوجه الوجهين قياسا على كراهة نكاح من عزم على أن يطلق اذا وطئ من غير شرط‍، وظاهر كلامهم ملك الزائد تبعا لانه هبة مقبوضة ولا يحتاج فيه الى ايجاب وقبول ويمتنع على من بذل الزيادة ان يرجع فيها لدخولها فى ملك الاخذ بمجرد الدفع كما افتى به ابن عجيل وهو ظاهر قال الشبراملسى سواء كان الزائد غير متميز أو كان متميزا عن مثل المقرض كأن اقترض دراهم فردها ومعها نحو سمن ويصدق الآخذ فى كون ذلك هدية لان الظاهر معه اذ لو اراد الدافع أنه انما اتى به ليأخذ بدله لذكره.

ومعلوم مما صورنا به رد المقرض والزيادة معا ثم ادعى ان الزيادة ليست هدية فيصدق الآخذ أما لو دفع الى المقرض سمنا أو نحوه مع كون الدين باقيا فى ذمته ثم ادعى أن ما دفعه اليه من الدين لا هدية فانه يصدق الدافع فى ذلك (١).

[مذهب الحنابلة]

جاء فى المغنى أنه يجوز للمقترض أن يرد ما أقترضه على المقرض اذا كان على صفته لم ينقص منه شئ ولم يحدث به عيب لأنه على صفة حقه فلزمه أن يقبله كالمسلم فيه وكما لو أعطاه غيره، ويحتمل أن لا يلزم المقرض أن يقبل ما ليس بمثلى لان القرض فيه يوجب رد القيمة على أحد الوجهين فاذا رده بعينه لم يرد الواجب عليه فلم يجب لذلك أن يقبله كالمبيع (٢) ويجب أن يرد المثل فى


(١) نهاية المحتاج الى شرح المنهاج لشمس الدين محمد بن أبى العباس احمد بن حمزه بن شهاب الدين الرملى وحاشية أبى الضياء نور الدين على بن على الشبراملسى وحاشية الرشيدى ح‍ ٤ ص‍ ٢٢٣ وما بعدها الى ص ٢٢٩ طبع مكتبة ومطبعة البابى الحلبى فى مصر سنة ١٣٥٧ هـ‍ سنة ١٩٣٨ م.
(٢) المغنى لابن قدامة المقدى ح‍ ٤ ص‍ ٣١٥ الطبعة السابقة.