للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله عليه وسلم، وإجماع أهل الحرمين، وإجماع الشيخين، وإجماع الخلفاء الراشدين ونحو ذلك. والتعاريف التى يذكرها جمهور علماء المذاهب الأربعة السنية المعروفة، ومذهب الإباضية، إنما هى للإجماع بالمعنى المطلق.

أما غير هذه المذاهب الخمسة فلهم اصطلاحات فى الإجماع تختلف عن ذلك اختلافا بعيدا، أو قريبا، وهذا هو تفصيل القول بعد إجماله.

معنى الإجماع فى مذاهب السنة

والمذهب الاباضى

عرفه الغزالى فى المستصفى بقوله: «وهو اتفاق أمة محمد صلى الله عليه وسلم خاصة على أمر من الأمور الدينية» (١).

وهذا التعريف يجعل المجمعين هم الأمة كلها، ويجعل المجمع عليه هو ما كان من الأمور الدينية خاصة، ولذلك اعترض عليه الآمدى فى الأحكام باعتراضين:

أحدهما: أنه يشعر بعدم انعقاد الإجماع إلى يوم القيامة، فإن أمة محمد هم جملة من اتبعه إلى يوم القيامة، ومن وجد فى بعض الإعصار منهم إنما هم بعض الأمة لا كلها، وليس ذلك - أى كون المجمعين هم جميع الأمة إلى يوم القيامة - مذهبا للغزالى ولا لأى أحد ممن اعترف بوجود الإجماع.

الثانى: أنه يلزم من تقييده الإجماع بالاتفاق على أمر دينى ألا يكون إجماع الأمة على قضية عقلية أو عرفية حجة شرعية، وليس الأمر كذلك (٢).

ثم قال الآمدى: «والحق فى ذلك أن يقال: الإجماع عبارة عن اتفاق جملة أهل الحل والعقد من أمة محمد صلى الله عليه وسلم فى عصر من الأعصار على حكم واقعة من الوقائع.

هذا إن قلنا أن العامى لا يعتبر فى الإجماع، وإلا فالواجب أن يقال: الإجماع عبارة عن اتفاق المكلفين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلى آخر الحد المذكور.

فقولنا: «اتفاق» يعم الأقوال والأفعال والسكوت والتقرير.

وقولنا: «جملة أهل الحل والعقد» احتراز عن اتفاق بعضهم وعن اتفاق العامة وقولنا «من أمة محمد صلى الله عليه وسلم» احتراز عن اتفاق أهل الحل والعقد من أرباب الشرائع السابقة.

وقولنا «فى عصر من الأعصار» حتى يندرج فيه إجماع أهل كل عصر، وإلا أوهم ذلك أن الإجماع لا يتم الا باتفاق أهل الحل والعقد فى جميع الأعصار إلى يوم القيامة.

وقولنا «على حكم واقعة» ليعم الاثبات والنفى، والأحكام العقلية والشرعية» (٣).


(١) ص ١٧٣ من المستصفى.
(٢) ص ٢٨١ ج‍ ١ من الأحكام للأمدى.
(٣) ص ٢٨٢ ج‍ ١ من الاحكام للأمدى.