للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجاء فى البحر الزخار أن المشترى لو استهلك المبيع حكما بطحن أو غزل أو نسج لم يبطل حق البائع من الرجوع اذ هو عين ماله ما لم يتعلق به حق للغير ولا أجرة له ولا ارش ان تعيب بذلك فان زادت به قيمة الشئ فوجهان أصحهما ما قاله الامام يحيى: يستحق المشترى الزيادة اذ هى نماء ملكه وقيل: لا اذ لم يضم اليه عينا قلنا: الصنعة كالعين (١).

وذكر صاحب شرح الأزهار: أن من مبطلات خيار الرؤية النقص الحاصل معه فى المبيع عما شمله العقد، فلو نقص شيئا مما شمله العقد قبل الرؤية بطل الخيار نحو أن يشترى البقرة وفيها لبن، أو الشاة وعليها صوف، أو الشجرة وعليها ثمرة فذهب اللبن أو الصوف أو الثمرة بطل الخيار، فلو لم تكن ثابتة حال العقد بل حدثت بعد العقد، ثم استهلكت قبل الرؤية لم يبطل الخيار وأما المصراة فلو استهلك لبنها الذى شمله العقد لم يبطل الخيار (٢).

[مذهب الإباضية]

جاء فى الايضاح أن المشترى ان أمر البائع بأن يستهلك المبيع فاستهلك ذلك الشئ بهبة أو غير ذلك فهو من مال البائع سواء قبضه المشترى منه أو لم يقبضه

لأنه ماله أتلفه بنفسه، وأمر المشترى ليس بشئ فى هذا وكذلك أيضا لو تلف ذلك الشئ من يد البائع والمشترى جميعا فهو من مال البائع، لأنه ماله، ويده لم تزل عليه حتى تلف (٣).

وان حول المشترى المبيع عن حاله الأول، فانه لا يخلو أن يكون التحويل بنقصان أو زيادة فان كان نقصانا فان البائع يكون بالخيار ان شاء أخذ ذلك مع تغييره ويأخذ ما أنقصه ذلك، وان شاء أخذ مثل شيئه الأول أو قيمته ان كان لا يمكن فيه المثل، ويكون للمشترى، وكذلك ان كان التغيير بزيادة فى الشئ فالبائع بالخيار ان شاء أخذ ذلك مع تغييره ويعطى للمشترى عناءه أى ما تكلفه، وان شاء أخذ مثل شيئه ويكون ذلك للمشترى.

ومثل هذا ان اشترى منه شعيرا فطحنه دقيقا أو دقيقا فخبزه، أو اشترى منه صوفا فعمل منه أكسية، أو اشترى منه غروسا على أن يقلعها فقلعها فهذا كله على ما ذكرناه.

وكذلك فى الزيادة على هذا المعنى، مثل أن يشترى منه زيتا فبسس به دقيقا فانه بالخيار ان شاء أن أخذ مثل زيته ويكون البسيس للمشترى وان شاء أن يكون بينهما ويتفقا على ما أحبا فعلا لأن مال كل واحد منهما قد استهلك فى مال الآخر.


(١) البحر الزخار ج ٥ ص ٨٦.
(٢) شرح الأزهار ج ٣ ص ٩٤.
(٣) الايضاح للشيخ عامر بن على النفوسى ج ٣ ص ١٨٣ فى كتاب مع حاشية الشيخ محمد بن عمر أبو ستة.