للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب المالكية]

من أكل أو شرب أو جامع ناسيا أفطر وكذلك إذا أكل أو شرب لضرورة أفطر وعلى كل منهما القضاء (١) أما من أفطر ساهيا فلا قضاء عليه ولا يفطر أن يبلع ما بين الأسنان طعاما عمدا (٢) ويفطر إن وصل مائع إلى الحلق من الأنف أو الأذن أو العين أو الفم سواء كان المائع ماء أو غيره وصل عمدا أو سهوا أو غلبة كماء غلب من المضمضة أو السواك حتى وصل الى الحلق أو وصل خطأ كأكله نهارا معتقدا بقاء الليل أو غروب الشمس أو شاكا فى ذلك ما لم يتبين أن أكله قبل الفجر أو بعد غروب الشمس [أنظر مصطلح صوم].

[مذهب الشافعية]

إذا دخل فى الصوم ونوى الخروج منه بطل الصوم لأن النية شرط‍ فى جميعه فإذا قطعها فى أثنائه بقى الباقى بلا نية فبطل (٣) وإذا فعل ما يوجب الإفطار من أكل أو جماع أو نحوهما وكان ناسيا لم يبطل صومه لما روى عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «من أكل ناسيا أو شرب ناسيا فلا يفطر فإنما هو رزق رزقه الله تعالى» فنص على الاكل والشرب وقيس عليهما كل ما يبطل الصوم من الجماع وغيزه، فإن فعل ذلك وهو جاهل بتحريمه لم يبطل صومه لأنه يجهل تحريمه فهو كالناسى، وان فعل ذلك بغير اختياره بأن أوجد الطعام فى حلقه مكرها لم يبطل صومه وأن استدخلت المرأة ذكر رجل وهو نائم لم يبطل صومه، وإن أكره حتى أكل بنفسه أو أكره المرأة حتى مكنته من وطئها ففيه قولان.

أحدهما يبطل الصوم كما لو شرب لدفع عطش (٤).

والثانى لا يبطل لأنه وصل إلى جوفه بغير اختياره.

وما يصل الى جوفه بغير اختياره من غبار الطريق وغربلة الدقيق والذباب والبعوض. لا يبطل الصوم لأن الاحتراز عن ذلك من شأنه المشقة، وإن أكل أو جامع وهو يظن أن الفجر لم يطلع وكان قد طلع أو يظن أن الشمس قد غربت فأفطر ولم تكن غربت لزمه القضاء لما روى حنظلة قال: كنا فى المدينة فى شهر رمضان فى السماء شئ من السحاب فظننا أن الشمس قد غربت فأفطر بعض الناس فأمر عمر رضى الله عنه من كان أفطر أن يصوم يوما مكانه ولأنه مفرط‍ لأنه كان يمكن أن يمسك إلى أن يعلم فلم يعذر (٥) فإن طلع الفجر وفى فيه طعام فأكله أو كان مجامعا فاستدام بطل الصوم وإن أكل وهو يشك فى طلوع الفجر صح الصوم لأن الأصل بقاء الليل وإن أكل وهو يشك فى غروب الشمس لم يصح لأن الأصل بقاء النهار (٦) وإن أكل الصائم وشرب وهو ذاكر لصومه عالم بالتحريم مختار بطل صومه لأنه فعل ما ينافى الصوم من غير عذر فبطل (٧) (ينظر: مصطلح صوم) فإن استعط‍ (تناول سعوطا) أو صب ماء فى أذنه فوصل إلى دماغه بطل صومه (٨)، وان قلع ما بين أسنانه بلسانه وابتلعه بطل صومه وإن جمع فى فمه ريقا كثيرا فابتلعه ففيه وجهان.

أحدهما أنه يبطل صومه لأنه ابتلع ما يمكن الاحتراز منه مما لا حاجة إليه به فأشبه إذا قلع ما بين أسنانه وابتلعه.

والثانى لا يبطل لأنه وصل إلى جوفه من معدته فأشبه ما يبلعه من ريقه على عادته، وإن أخرج البلغم من صدره وقذفه إلى الخارج لم يبطل صومه أما لو بلعه بعد وصوله واستقراره فى فمه فإنه يفطر.


(١) متن الرسالة لعبد الله بن أبى زيد القيروانى ص ٥٢
(٢) الدسوقى ج ٤ ص ٥٢٣
(٣) المهذب ج ١ ص ١٨١
(٤) المهذب ج ١ ص ١٨٣
(٥) المهذب ج ١ ص ٨٣
(٦) المهذب ج ١ ص ١٨٢
(٧) المهذب ج ١ ص ١٨٢
(٨) المهذب ج ١ ص ١٨٢