للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

انها له واقام كل واحد منهما البينة على دعواه قضى لهما بالعين المدعاة مناصفة بينهما ولا يقرع بينهما واستندوا فى ذلك الى حديث تميم بن طرفة الطائى وهو «ان رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ناقة واقام كل واحد منهما البينة فقضى بها بينهما نصفين والى ما رواه ابو الدرداء رضى الله عنه وهو أن رجلين اختصما بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى شئ واقاما البينة فقال: ما أحوجكما الى سلسلة كسلسلة بنى اسرائيل كان داود عليه السّلام اذا جلس لفصل القضاء نزلت سلسلة من السماء بعنق الظالم ثم قضى به رسولنا صلّى الله عليه وسلّم بينهما نصفين والقرعة فى ذلك كانت جائزة فى ابتداء الاسلام وقت اباحة القمار ثم نسخت بتحريم القمار على اساس ان القرعة حرمت كوسيلة من وسائل اثبات الاستحقاق لانها قمار وذلك يقتضى ان تكون القرعة ممنوعة كوسيلة لتعيين المستحق لان ذلك من قبيل القمار ايضا.

ويلاحظ‍ ان القضاء بالعين مناصفة بين الرجلين محله اذا كانت العين تقبل الاشتراك. فان كانت العين لا تقبل الاشتراك كالمرأة يدعى نكاحها رجلان لم يقض بواحدة من البينتين لتعذر العمل بهما لان المحل لا يقبل الاشتراك راجع مصطلح دعوى الرجلين.

[القرعة فى القسم بين الزوجات فى السفر]

اذا كان الرجل له اكثر من زوجة واراد أن يصطحب احداهن فى سفره فله ذلك ولا يجب عليه ان يقرع بينهن لانه قد يثق باحداهما فى السفر وبالاخرى فى الحضر. والقرار فى المنزل لحفظ‍ الامتعة او لخوف الفتنة. وقد يمنع من سفر احداهما كثرة سمنها. وقد يترتب على القرعة تعيين من يخاف صحبتها فى السفر للسفر وفى هذا الزام للضرر الشديد وهو مندفع بالنافى للحرج فلم تكن القرعة واجبة لذلك وما فعله النبى صلّى الله عليه وسلّم من القرعة بين زوجاته اذا اراد سفرا كان استحبابا لان مطلق الفعل لا يقتضى الوجوب - خصوصا وان القسم لم يكن واجبا عليه صلّى الله عليه وسلم قال تعالى: {تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ ١}. ونظرا لان القرعة بين الزوجات فى السفر فيها تطيب قلوبهن قال فقهاء الحنفية ان القرعة فى ذلك مستحبة وليس فيها هنا معنى القمار، واذا سافر بواحدة من غير قرعة ليس للباقيات من أن يحتسبن تلك المدة (٢). انظر مصطلح القسم بين الزوجات

[القرعة فى قسمة الملك بين الشركاء]

اذا قسم القاضى بين الشركاء العين المملوكة لهم وعين لكل منهم نصيبا من غير اقراع - بينهم جاز لان القسمة هنا فى معنى القضاء فيملك الالزام واذا اقرع بينهم فالقرعة جائزة لحصول التعامل بها من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا من غير نكير منكر. والقرعة هنا ليس فيها معنى القمار لأن أصل الاستحقاق لا يتعلق بخروج القرعة لان القاسم لو قال: أنا عدلت فى القسمة فخذ أنت هذا الجانب وانت ذاك الجانب كان له ذلك ولكن القرعة تستعمل هنا لتطبيب قلوب


(١) آية رقم ٥١ من سورة الاحزاب ٣٣.
(٢) الهداية وفتح القدير وبهامشهما العناية ج ٢ ص ٥١٩ باب القسمة.