للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأنه لا يفسد اعتكافه بالخروج ولا قائل بفساد الاعتكاف به وانما الخلاف فيما لا بد منه وأمكنه أن يعمله فى المسجد وكل خروج مخير فيه غير مضطر اليه فهو مفسد للاعتكاف ولا يعمل دنيويا باختيار كبيع وشراء (١).

[ما يفسد الحج والعمرة وما لا يفسدها]

[مذهب الحنيفية]

جاء فى بدائع الصنائع أن الذى يفسد الحج الجماع عند وجود شرطه فيقع الكلام فيه فى موضعين فى بيان أن الجماع يفسد الحج فى الجملة وفى بيان شرط‍ كونه مفسدا أما الأول فالدليل عليه ما روى عن جماعة من الصحابة رضى الله عنهم أنهم قالوا فيمن جامع امرأته وهما محرمان مضيا فى احرامهما وعليهما هدى ويقضيان من قابل ويفترقان ولأن الجماع فى نهاية الارتفاق بمرافق المقيمين فكان فى نهاية الجنابة على الاحرام فكان مفسدا للاحرام.

وأما شرط‍ كونه مفسدا فشيئان أحدهما أن يكون الجماع فى الفرج حتى لو جامع فيما دون الفرج أو لمس بشهوة أو عانق أو قبل أو باشر لا يفسد حجه لانعدام الارتفاق البالغ لكن تلزمه الكفارة سواء أنزل أو لم ينزل لوجود استمتاع مقصود (٢).

ولو وطئ بهيمة لا يفسد حجه ولا كفارة عليه الا اذا أنزل لأنه ليس باستمتاع مقصود بخلاف الجماع فيما دون الفرج وأما الوط‍ ء فى الموضع المكروه فأما على أصلهما فيفسد الحج لأنه فى معنى الجماع فى القبل عقدهما حتى قالوا بوجوب الحد.

وعن أبى حنيفة رحمه الله تعالى فيه روايتان فى رواية يفسد لأنه مثل الوط‍ ء فى القبل فى قضاء الشهوة ويوجب الاغتسال من غير انزال.

وفى رواية لا يفسد لعدم كمال الارتقاق لقصد قضاء الشهوة فيه لسوء المحل فأشبه الجماع فيما دون الفرج.

ولهذا قال محمد رحمه الله تعالى: أنه لا يجب الحد.

والثانى أن يكون قبل الوقوف بعرفة فان كان بعد الوقوف بها لا يفسد الحج عندنا لأن الركن الأصلى للحج هو الوقوف بعرفة لقول النبى صلّى الله عليه وسلّم الحج عرفة أى الوقوف بعرفة فمن وقف بعرفة فقد تم حجه أخبر عن تمام الحج بالوقوف ومعلوم أنه ليس المراد منه التمام الذى هو ضد النقصان لأن ذا لا يثبت بنفس الوقوف فعلم أن المراد منه خروجه عن احتمال الفساد والفوات ولأن الوقوف ركن مستقل بنفسه وجودا وصحة لا يقف وجوده وصحته على الركن الآخر وما وجد ومضى على الصحة لا يبطل الا بالردة ولم توجد واذا لم يفسد الماضى لا يفسد الباقى لأن فساده بفساده ولكن يلزمه بدنة لما نذكره ويستوك فى فساد الحج بالجماع الرجل والمرأة لاستوائهما فى المعنى الموجب للفساد وهو ما بينا (٣).

وذلك لما روى أن جماعة من الصحابة رضى الله تعالى عنهم أفتوا بفساد حجهما حيث أوجبوا القضاء عليهما ويستوى فيه العامد والخاطئ والذاكر والناسى عند أصحابنا.


(١) المرجع السابق ج ٢ ص ٢٥٤
(٢) بدائع الصنائع ج ٢ ص ٢١٦
(٣) المرجع السابق وكذلك حاشية الطحاوى ج ١ ص ٥٢٤، ٥٢٦