للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الشافعى لا يفسد الخطأ والنسيان والكلام فيه بناء على أصل أن فساد الحج لا يثبت الا بفعل محظور فزعم الشافعى أن الحظر لا يثبت مع الخطأ والنسيان وقلنا نحن يثبت وانما المرفوع هو المؤاخذة عليهما. ويستوى فيه الطوع والاكراه لأن الاكراه لا يزيل الحظر ولو كانت المرأة مكرهة فانها لا ترجع بما لزمها على المكره لأنه حصل لها استمتاع بالجماع فلا ترجع على أحد كالمغرور اذا وطئ الجارية ولزمه الغرم أنه لا يرجع به على الغار كذا هذا ويستوى فيه كون المرأة المحرمة مستيقظة أو نائمة حتى يفسد حجها فى الحالين سواء كان المجامع لها محرما أو حلالا لأن النائمة فى معنى الناسية والنسيان لا يمنع فساد الحج كذا النوم ويستوى فيه كون المجامع عاقلا بالغا أو مجنونا أو صبيا بعد أن كانت المرأة المحرمة عاقلة بالغة حتى يفسد حجها لأن التمكين محظور عليها (١).

وأما بيان حكمه اذا فسد ففساد الحج يتعلق به أحكام منها وجوب الشاة عندنا.

وقال الشافعى وجوب بدنة وجه قوله أن المجامع بعد الوقوف انما أوجب البدنة لتغليظ‍ الجنابة والجنابة قبل الوقوف أغلظ‍ لوجودها حال قيام الاحرام المطلق لبقاء ركنى الحج وبعد الوقوف يبعد الا أحدهما فلما وجبت البدنة بعد الوقوف فلأن تجب قبله أولى.

ولنا ما روى ابن عباس رضى الله تعالى عنه أنه قال البدنة فى الحج فى موضعين أحدهما اذا طاف للزيارة جنبا ورجع الى أهله ولم يعد والثانى اذا جامع بعد الوقوف.

وروينا عن جماعة من الصحابة رضى الله تعالى عنهم أنهم قالوا وعليهما هدى واسم الهدى وان كان يقع على الغنم والابل والبقر لكن الشاة أدنى والأدنى متيقن به فحمله على الغنم أولى على أنه روينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الهدى فقال أدناه شاة ويجزئ فيه شركه.

فى جزور أن بقرة لما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أشرك بين أصحابه رضى الله عنهم فى البدن عام الحديبية فذبحوا البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة واعتباره قبل الوقوف غير سديد لأن الجنابة قبل الوقوف أخف من الجنابة بعده لأن الجماع قبل الوقوف أوجب القضاء لأنه أوجب فساد الحج والقضاء خلف عن الفائت فيجبر معنى الجنابة فتخف الجنابة فيوجب نقصان الموجب وبعد الوقوف لا يفسد الحج عندنا لما ذكرنا فلم يجب القضاء فلم يوجد ما تجب به الجنابة فبقيت متغلظة فتغلظ‍ الموجب.

ولو جامع قبل الوقوف بعرفة ثم جامع فان كان فى مجلس لا يجب عليه الا دم واحد استحسانا والقياس أن يجب عليه لكل واحد دم على حدة لأن سبب الوجوب قد تكرر فتكرر الواجب الا أنهم استحسنوا فما أوجبوا الا دما واحدا لأن أسباب الوجوب اجتمعت فى مجلس واحد من جنس واحد فيكتفى بكفارة واحدة لأن المجلس الواحد يجمع الأفعال المتفرقة كما يجمع الأقوال المتفرقة كايلاجات فى جماع واحد أنها لا توجب الا كفارة واحدة وان كان كل ايلاجة لو انفردت أوجبت الكفارة كذا هذا وان كان فى مجلسين مختلفين يجب دمان فى قول أبى حنيفة وأبى يوسف.

وقال محمد يجب دم واحد الا اذا كان كفر للأول كما فى كفارة الافطار فى شهر رمضان وجه قول محمد أن الكفارة انما وجبت بالجماع الأول


(١) بدائع الصنائع ج ٢ ص ٢١٦، ٢١٧ وكذلك حاشية الطحاوى ج ١ ص ٥٢٦