للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جزاء لهتك حرمة الاحرام والحرمة حرمة واحدة اذا انتهكت مرة لا يتصور انتهاكها ثانيا كما فى صوم شهر رمضان.

وكما اذا جامع ثم جامع فى مجلس واحد واذا كفر فقد جبر الهتك فالتحق بالعدم وجعل كأنه لم يوجد فلم يتحقق الهتك ثانيا ولهما ان الكفارة تجب بالجنابة على الاحرام وقد تعددت الجنابة فيتعدد الحكم وهو الأصل اذا قام دليل يوجب جعل الجنابات المتعددة حقيقة متحدة حكما وهو اتحاد المجلس ولم يجد ههنا بخلاف الكفارة للصوم فأنها لا تجب بالجنابة على الصوم بل جبرا لهتك حرمة الشهر على ما ذكرنا. فيما تقدم ولا يجب عليه فى الجماع الثانى الا شاة واحدة لأن الأول لم يوجب الا شاة واحدة فالثانى أولى ولو جامع بعد الوقوف بعرفة ثم جامع ان كان فى مجلس واحد لا يجب عليه الا بدنة واحدة وان كان فى مجلسين يجب عليه بدنة للأول وللثانى شاة على قول أبى حنيفة وأبى يوسف وعلى قول محمد ان كان ذبح للأول بدنة يجب للثانى شاة والا فلا يجب هذا اذا لم يرد بالجماع بعد الجماع رفض الاحرام فأما اذا أراد به رفض الاحرام والاحلال فعليه كفارة واحدة فى قولهم جميعا سواء كان فى مجلس واحد أو فى مجالس مختلفة لأن الكل مفعول على وجه واحد فلا يجب بها الا كفارة واحدة كالايلاجات فى الجماع الواحد ومنها وجوب المضى فى الحجة الفاسدة لقول جماعة من الصحابة رضى الله تعالى عنهم يمضيا فى احرامهما ولأن الاحرام عقد لازم لا يجوز التحلل عنه الا بأداء أفعال الحج أو لضرورة الاحصار ولم يوجد أحدهما فيلزمه المضى فيه فيفعل جميع ما يفعله فى الحجة الصحيحة ويجتنب جميع ما يجتنبه فى الحجة الصحيحة ومنها وجوب القضاء لقول الصحابة رضى الله تعالى عنهم بقضيانه من قابل ولأنه لم يأت بالمأمورية على الوجه الذى أمر به لأنه أمر بحج خال عن الجماع ولم يأت به فبقى الواجب فى ذمته فيلزمه تفريغ ذمته عنه ولا يجب عليه العمرة لأنه ليس بفائت الحج ألا ترى أنه لم تسقط‍ عنه أفعال الحج بخلاف المحصر اذا حل من احرامه بذبح الهدى أنه يجب عليه قضاء الحجة والعمرة أما قضاء الحجة فظاهر وأما قضاء العمرة فلفوات الحج فى ذلك العام وهل يلزمها الافتراق فى القضاء.

قال أصحابنا الثلاثة لا يلزمهما ذلك لكنهما ان خانا المعاودة يستحب لمها أن يفترقا.

وقال زفر ومالك والشافعى يفترقان واحتجوا بما روينا من قول جماعة الصحابة رضى الله عنهم يفترقان ولان الاجتماع فيه خوف الوقوع فى الجماع ثانيا فيجب التحرز عنه بالافتراق ثم اختلفوا فى مكان الافتراق.

قال مالك اذا خرجا من بلدهما يفترقان حسما للمادة.

وقال زفر يفترقان عند الاحرام لأن الاحرام هو الذى حظر عليه الجماع فأما قبل ذلك فقد كان مباحا ولنا أنهما زوجان والزوجة علة الاجتماع لا الافتراق وأما ما ذكروا من خوف الوقوع يبطل بالابتداء فأنه لم يجب الافتراق فى كل من يفعل فعلا فى مكان يتذكر ذلك الفعل اذا وصل اليه ثم ان كانا يتذكران ما فعلا فيه يتذكران ما لزمهما من وبال فعلهما فيه أيضا فيمنعهما ذلك عن الفعل ثم يبطل هذا بلبس المخيط‍ والتطيب فانه اذا لبس المخيط‍ أو تطيب فدل أن الافتراق ليس بلازم لكنه مندوب اليه ومستحب عند خوف الوقوع فيما وقعا فيه على هذا يحمل قول الصحابة رضى الله تعالى عنهم يفترقان (١).


(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع لأبى بكر بن مسعود الكاسانى ج ٢ ص ٢١٧ وكذلك حاشية الطحاوى ج ١ ص ٥٢٧ الطبعة السابقة