للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب الزيدية]

يصح لمن أعار عينا الرجوع فيها متى شاء وسواء كانت الاعارة مطلقة أو مؤقتة كالاباحة، لأن المنافع المستقبلة غير حاصلة فيصح الرجوع كقبل قبض المستعار.

وللمستعير ردها متى شاء أيضا كالمباح له (١).

ويستثنى من ذلك: ما اذا أدى رجوع المعير واسترداده العين المعارة الى محظور أو ترك واجب نحو أن يستعير ثوبا ليستر عورته فى الصلاة الواجبة، أو ليصلى عليه فى الموضع المتنجس، ونحو أن يستعير سفينة ليعبر عليها. أو خيطا ليربط‍ به جرح محترم، أو آلة من حبل أو غيره لينقذ به محترم الدم فى بئر مثلا، أو ثوبا ليكفن به ميتا (٢). فانه لا يجوز الرجوع بعد الدفن (٣). وتتأبد الاعارة للقبر - ان كان المعار قبرا - بعد الدفن حتى يندرس الميت، اذ لا يحول الميت لقوله صلّى الله عليه وسلم فى قتلى أحد: «يدفنون حيث صرعوا» فاذا كره التحويل عن المصرع فالتحويل عن القبر أشد كراهة (٤).

وللمعير الرجوع قبل أن ينهال عليه التراب ولو قد وضع فى قبره ويكون آثما.

وتؤبد الاعارة أيضا بعد القاء البذر فى الأرض المستعارة حتى يحصد الزرع ان لم يقصر المستعير كما سيأتى مفصلا فى اعارة الارض للزراعة.

كما تؤبد فى استعارة النار حتى ينضج ما استعيرت لأجل انضاجه ما لم يقصر المستعير.

وللمعير فى كل ذلك أجرة المثل من يوم الرجوع، وللمستعير اتمام عمله ولا يصير غاصبا، وفى المقبرة له أجرة المثل من يوم الرجوع حتى يندرس الميت أو يجتاحه سيل (٥).

[مذهب الإمامية]

الاعارة من العقود غير اللازمة لأحد المتعاقدين فلكل منهما فسخه متى شاء، وسواء كانت الاعارة مطلقة أم مؤقتة فى الاصح على خلاف ابن الجنيد حيث حكم بلزومها من طرف المعير ان عين لها مدة، ولكن يستثنى من هذا مواضع:

(الاول): الاعارة للرهن بعد وقوعه، أو للاجارة فيلزم المعير الصبر الى انقضاء المدة.

(الثانى): الاعارة لدفن ميت مسلم ومن بحكمه، فلا يجوز الرجوع بعد تسوية التراب على الميت الى أن تندرس عظامه لتحريم نبشه وهتك حرمته، ولو رجع المعير قبل التسوية


(١) البحر الزخار ج ٤ ص ١٢٨
(٢) شرح الأزهار ج ٣ ص ٤٣٠
(٣) شرح الأزهار ج ٣ ص ٤٣٠ الطبعة الثانية مطبعة حجازى سنة ١٣٥٧
(٤) البحر الزخار ج ٤ ص ١٢٨
(٥) التاج المذهب ج ٣ ص ٢٥٧ - ٢٥٩