للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بهما عبدين ثم تلف أحدهما ففيه وجهان أحدهما يتلف من رأس المال وينفسخ فيه القراض لأنه بدل عن رأس المال فكان هلاكه كهلاكه والثانى أنه يتلف من الربح لأنه تصرف في المال فكان في القراض وأن قارضه رجلان على مالين فاشترى لكل واحد منهما جاريه ثم اشكلتا عليه ففيه قولان أحدهما تباعان فإن لم يكن فيهما ريح قسم بين ربى المال وأن كان فيهما ربح شاركهما العامل في الربح وأن كان فيهما خسران ضمن العامل ذلك لأنه حصل بتفريطه والقول الثاني أن الجاريتين للعامل ويلزمه قيمتهما لأنه تعذر ردهما بتفريطه فلزمه ضمانهما كما لو اتلفهما.

[مذهب الحنابلة]

(١) وشركة العنان مبنية على الوكالة والأمانة لأن كل واحد منهما يدفع المال إلى صاحبه أمنه وبإذنه له في التصرف وكله، ومن شرط صحتها أن يأذن كل واحد منهما لصاحبه في التصرف فإن أذن له مطلقا في جميع التجارات تصرف فيها وأن عين له جنسا أو نوعا أو بلدا تصرف فيه دون غيره لأنه متصرف بالأذن فوقف عليه كالوكيل، ويجوز لكل واحد منهما أن يبيع ويشترى مساومة ومرابحة وتولية ومواضعة وكيف رأى المصلحة لأن هذا عادة التجارة وله أن يقبض المبيع والثمن ويقبضهما ويخاصم في الدين ويطالب به ويحيل ويحتال ويرد بالعيب فيما وليه وهو هو وفيما ولى صاحبه وله أن يستأجر من رأس مال الشركة ويؤجر لأن المنافع أجريت مجرى الإعيان قصار كالشراء والبيع والمطالبة بالأجر لهما وعليهما لأن حقوق العقد لا يختص بالعاقد.

(٢) والعامل أمين في ماله المضاربة لأنه متصرف في مال غيره بإذنه لا يختص ينفعه فكان أمينا كالوكيل وفارق المستعير فإنه قبضه لمنفعته خاصة فكانت يده يد ضمان وههنا المنفعة بينهما فعلى هذا القول قوله في قدر رأس المال قال ابن المنذر اجمع كل من تحفظ عنهم من أهل العلم أن القول قول العامل في قدر رأس المال كذا قال الثورى وإسحاق وأصحاب الرأى وبه نقول ولأنه يدعى عليه قبض شيء وهو ينكره والقول قول المنكر وكذلك القول قوله فيما يدعيه من تلف المال أو خسارة فيه وما يدعى عليه من خيانة وتفريط وفيما يدعى أنه اشتراه لنفسه أو للمضاربة لأن الاختلاف ها هنا في نيته وهو أعلم بما نواه لا يطلع على ذلك أحد سواه فكان القول قوله فيما نواه كما لو اختلف الزوجان في نية الزوج بكناية الطلاق ولأنه أمين في الشراء فكان القول قوله كالوكيل ولو اشترى عبدا فقال رب المال كنت نهتيك عن شرائه فأنكر العامل فالقول قوله لأن الأصل عدم النهى.

[مذهب الزيدية]

(٣) وإذا اختلف الوديع والمودع فقال الوديع قد رددتها وأنكر المالك أو قال هذه وديعتك فأنكرها أو قال قد تلفت فأنكر المالك كان القول للوديع في ذلك كله أي في ردها وعينها وتلفها لأنه أمين ويقبل قوله بتلفها وإن لم يبين سبب التلف ولو أعطى رجل رجلا شيئا ثم تلف ذلك


(١) المغنى جـ ٥ ص ١٢٩.
(٢) المغنى جـ ٥ ص ١٩١.
(٣) شرح الأزهار جـ ٣ ص ٥١٧.