للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب الحنابلة]

ينبغى للزوج إمساك زوجته مع الكراهة لها، لقوله تعالى {فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} (١) قال ابن عباس: ربما رزق منها ولدا فجعل الله فيه خيرا كثيرا (٢).

وإن أمسك الزوج زوجته وعضلها أو ضارها بالضرب والتضييق عليها أو منعها حقوقها من القسم والنفقة ونحو ذلك كما لو نقصها شيئا من ذلك ظلما لتفتدى نفسها فالخلع باطل والعوض مردود والزوجة بحالها، لقوله تعالى: {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} (٣). ولأن ما تفتدى به نفسها مع ذلك عوض أكرهت على بذله بغير حق فلم يستحق أخذه منها للنهى عنه؛ والنهى يقتضى الفساد.

وإن أجابها بلفظ طلاق أو لفظ خلع مع نية الطلاق يقع الطلاق رجعيا ولا تبين منه لفساد العوض.

وهذا كله إن أمسك الزوج زوجته وفعل معها ذلك لتفتدي نفسها.

أما إن أمسك الزوج زوجته وفعل معها ما ذكر من المضارة بالضرب والتضييق والمنع من الحقوق لا لتفتدى منه فالخلع صحيح. لأنه لم يعضلها ليذهب ببعض مالها، ولكن عليه إثم الظلم.

وكذلك يكون الخلع صحيحا لو أمسكها وفعل معها ما ذكر تأديبا لها بسبب زناها أو نشوزها أو تركها فرضًا كصلاة أو الصوم، لقوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} ويقاس الباقى عليها؛ ويباح له عوضه. لأنه بحق. (٤).

لو خالعت الزوجة زوجها على إمساك ولده المعين -منها أو من غيرها- لإرضاعه مطلقا أو كفالته والإنفاق عليه مدة معينه كعشر سنين ونحوها صح الخلع ولو لم يصف النفقة، ويرجع إلى العرف والعادة في ذلك والأولى أن يذكر مدة الرضاع من تلك المدة وأن يذكر صفة النفقة في تلك المدة؛ فلو لم تنته المدة حتى ماتت من خالعته على إرضاع ولده أو كفالته أو الإنفاق عليه؛ أو جفّ لبنها أو مات الولد رجع الزوج ببقية حقه أنه عوض معين تلف قبل قبضه فوجب بدله.

ولو أراد الزوج أن يأتيها لطفل آخر تمسكه لترضعه أو تَكْفله بدلا من الذي مات وأبت ذلك أو أرادت هي أن يأتيها برضيع آخر ترضعه أو تكفله فأبى لم يلزم المخلوعة ذلك في الأولى ولا المخالع في الثانية لأن ما يستوفى من اللبن أو الكفالة إنما يتقدر بحاجة الصبى وحاجة الصبيان تختلف ولا تنضبط فلم يجز أن يقوم غيره مقامه. (٥).

[مذهب الظاهرية]

قال ابن حزم: لا يحل الافتداء -وهو الخلع- إلا بأحد أمرين أو باجتماعهما).


(١) الآية رقم ١٩ من سورة النساء.
(٢) كشاف القناع على متن الإقناع للشيخ منصور بن إدريس وبهامشه شرح المنتهى للبهوتي جـ ٢ ص ١١٠ الطبعة العامرة الشرقية ١٢١٩.
(٣) الآية السابقة.
(٤) المرجع السابق ص ١٢٦، ١٢٧، ١٩٨٥، ١٨٦.
(٥) المرجع السابق ص ١٣١ - ١٣٢، ١٩٢ - ١٩٣.