للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قال (١): وتجب نفقة مرضعة الصغير، أى مرضعته ذكرا كان أو أنثى، فى ماله إن كان له مال، فإن لم يكن له مال فعلى من تلزمه نفقته من أب أو غيره، لأن نفقة مرضعة الصغير كنفقة الكبير، ويختص وجوبها بالأب وحده ان كان، لقوله تعالى «وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» ولا يلزمه نفقة المرضعة لما فوق الحولين، وان طلبت الأم أجرة مثلها ووجد الأب من يتبرع له برضاعه فهى أحق، سواء كانت زوجة أو مطلقة لقوله تعالى:

«وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ» (٢). فان طلبت أكثر من أجرة مثلها ولو بيسير لم تكن أحق به مع من يتبرع، أو يرضع بأجرة المثل لقوله تعالى: «وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى» (٣).

ولو كانت مع زوج آخر وطلبت رضاعه بأجرة مثلها ووجد من يتبرع برضاعه فأمه أحق به اذا رضى الزوج الثانى بذلك للآية، وقد رضى الزوج باسقاط‍ حقه فأشبهت غير المتزوجة. واذا أرضعت المرأة وهى فى عصمة والده فاحتاجت الى زيادة نفقة لزمه ذلك، اذ كفايتها واجبة، لحق الزوجية، ولرضاع الولد.

مذهب الظاهرية (٤):

يجبر كل أحد على النفقة على من لا مال له ولا عمل له بيده مما يقوم منه على نفسه من أبويه وأجداده وجداته وان علوا، وعلى البنين والبنات وبنيهم وان سفلوا.

مذهب الزيدية (٥):

تجب نفقة الولد الحر ذكرا كان أو أنثى غير العاقل لصغر أو جنون سواء كان طارئا أم أصليا، ولو كان ذا ولد موسر. وكذا تجب نفقته وكسوته وسكناه وكل ما يحتاج اليه على أبيه لمكان ولايته عليه. ولو كان الوالد كافرا غير حربى والولد مسلما فتسلم النفقة الى الحاكم، لأنه لا ولاية له على ابنه، أو كان الوالد معسرا لكن له كسب يعود عليه من صناعة أو وقف أو غيرهما فانه يلزمه نفقة ولده غير العاقل ولو كان الولد غنيا. ثم اذا توفى الأب أو كان معسرا ولا كسب له وجبت نفقة الولد فى ماله له ولأبيه، وأما الولد البالغ العاقل المسلم المعسر ولو أمكنه التكسب فنفقته ولو عاقلا على أبويه الموسرين حسب الارث، على الأم ثلث، وعلى الأب الثلثان، الا أن يكون هذا الولد العاقل المعسر ذا ولد موسر فعليه نفقة والده وما يحتاج اليه اذا كان لا يقدر على التكسب، ولا شئ على جده لوالده، ولا يلزم الولد للأب أن يعفه بزوجة أو أمة اذا اضطر الى النكاح الا أن يتضرر فيكون من باب الدواء. ولا تلزمه نفقة زوجة أبيه وعبده، ولا يلزم الأب أن يعف الولد، وهذا أولى وأحرى. ولا يلزم الابن التكسب لنفقة أبويه اذا كانا معسرين يمكنها التكسب الا للعاجز منهما عن التكسب فيجبر الولد على التكسب له، كما يجبر الأب على التكسب على ابنه الصغير لا الكبير ولو كان عاجزا عن التكسب. فان كان الأب وابنه قادرين على التكسب فلا يجبر أيهما


(١) كشاف القناع ج‍ ٣ ص ٣١٨.
(٢) سورة البقرة: ٢٣٣.
(٣) سورة الطلاق: ٦.
(٤) المحلى ج‍ ١٠ ص ١٠٠.
(٥) التاج المذهب ج‍ ٢ ص ٢٨٨.