الاكراه الذى لا حنث معه يكون بخوف شئ مؤلم يحصل له حالا أو فى المستقبل ان لم يطلق ويكفى غلبة الظن بحصول ذلك الشئ المؤلم ان لم يطلق ولا يشترط تيقن حصوله ان لم يطلق خلافا لما فى سماع عيسى ابن مسكين والخوف المؤلم يكون بالتخويف بالقتل أو بالضرب وان قل وبالسجن ظلما وان لم يطل وبالقيد ان لم يطل هذا اذا كان المكره بالفتح من ذوى الأقدار. أما اذا كان من غيرهم فلا يعد اكراها الا اذا هدد بطول الاقامة فى السجن وفى القيد. كذلك يحصل بالصفع بكف فى قفا لذى مرؤة بملأ أى جماعة من الناس لا فى خلوة ولا لغير ذى مرؤة فى الملأ.
هذا اذا قل الصفع فان كثر فاكراه مطلقا أى سواء حصل فى الملأ أو الخلاء لذى مرؤة أو لغيره. كذلك يحصل بالخوف من قتل ولده وان سفل ولو عاقا وكذا بعقوبته ان كان بارا أما الاكراه بأخذ المال أو اتلافه:
ففيه ثلاثة أقوال: القول الأول لمالك: وهو أنه اكراه، والثانى لأصبغ: وهو ليس باكراه، والثالث لابن الماجشون: وهو ان كثر فالاكراه والا فلا ثم ان المتأخرين اختلفوا فمنهم من جعل الثالث تفسيرا للأولين وذلك كابن بشير ومن تبعه وعلى هذا فالمذهب على قول واحد. ومنهم كابن الحاجب من جعل الأقوال الثلاثة متقابلة ابقاء لها على ظاهرها والتخويف بقتل الأب اكراه كالولد وهو الظاهر وقيل ليس باكراه كالتخويف بقتل غير الولد من أخ أو عم. ولا يعتبر اكراه التخويف بقتل غير الولد وذلك كقول ظالم ان لم تطلق زوجتك قتلت فلانا صاحبك أو عمك أو أخاك فطلق وقع الطلاق لأن التخويف بقتل غير الولد لا يعد اكراها شرعيا. والاكراه الحاصل بالخوف من القتل والحبس والقيد وغيره مما تقدم ذكره انما يؤثر فى الطلاق والايمان والنكاح والعتق والاقرار والبيع والشراء والاجارة وسائر العقود أما الكفر وسب الرسول وسب الصحابة ولو بغير قذف. وقذف المسلم أى قذفه بالزنا واللواط فلا يؤثر فيها الاكراه الا بالخوف من القتل فقط ولا يتحقق بغير ذلك من قطع عضو وغير ذلك من سائر ضروب التخويف. وأما قتل المسلم أو قطع بعضه أو فعل الزنا فلا يؤثر فيه الاكراه ولو بالقتل (١).
[مذهب الشافعية]
[الاكراه عند الشافعية على نوعين]
[أولهما: اكراه ملجئ]
وهو الذى لا يبقى للشخص معه قدرة ولا اختيار كالقاء شخص من شاهق على شخص ليقتله فالشخص الملقى لا قدرة له على الوقوع لا فعلا ولا تركا فلا اختيار له فى ذلك وهذا النوع من الاكراه يمنع التكليف بالفعل الملجأ اليه وبنقيضه لأن المكره عليه واجب الوقوع وضده ممتنع والتكليف بالواجب والممتنع محال. وهناك رأى ضعيف يرى جواز تكليف الملجأ بناء على جواز التكليف بما لا يطاق، وعلى هذا فالمكره الملجأ هو من يدرى ولا مندوحة له عما الجئ اليه.
[ثانيهما: اكراه غير ملجئ]
وهو الذى لا ينتهى الى حد الالجاء كما لو قيل لشخص
(١) راجع حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج ٢ ص ٣٦٨، ٣٦٩.