من الخوارج عليا رضى الله عنه بالنهروان فولى عليهم عاملا أقاموا على طاعته زمانا وهو لهم موادع إلى أن قتلوه فأرسل إليهم أن سلموا قاتله فأبوا فقاتلهم. (أرجع في ذلك إلى مصطلح بغى أو بغاة).
أما المحاربون وقطاع الطريق من أهل الفساد الذين شهروا سلاحهم وقطعوا الطريق وأخذوا الأموال وقتلوا النفوس ومنعوا السابلة فقد نزل فيهم قوله تعالى:{إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادًا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض} فإذا امتنعوا قوتلوا وأجريت عليهم الحدود. (أرجع في ذلك إلى مصطلح محاربة).
[إمارة القضاء أو ولايته]
لا يُقلد القضاء إلا من كُملت فيه ثمانية شروط وهى الذكورة والبلوغ والعقل والحرية والإسلام والعدالة والسلامة في السمع والبصر والعلم. والمراد بالعلم أن يكون عالما بكتاب الله وبسنة رسول الله وبأقوال السلف وبالقياس فإذا علم ذلك كان من أهل الاجتهاد وجاز له أن يفتى ويقضى. وجَوَّز أبو حنيفة أن يُولى القضاء من ليس أهلا للاجتهاد على أن يستفتى غيره في أحكامه قبل قضائه. وفى تولية القضاء من لم تتوفر فيه بعض هذه الشروط، وفى نفاذ قضائه آراء (يرجع إليها في مصطلح قضاء). وقد ولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليا رضى الله عنه قضاء اليمن وكان حديث السنن فقال له يا رسول الله ترسلنى قاضيا وأنا حديث السن ولا علم لي بالقضاء؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: إن الله سيهدى قلبك ويثبت لسانك فإذا جلس بين يديك الخصمان فلا تقضين حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء. قال على فما زلت قاضيا وما شككت في قضاء بعد. أخرجه الترمذى. وقال حديث حسن. كذلك بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معاذ بن جبل إلى ناحية من نواحى اليمن قاضيا فسأله وقال له بم تقضى؟ قال: بكتاب الله. قال: فإن لم تجد؟ قال: بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال: فإن لم تجد؟ قال: أجتهد رأيى ولا آلو (أي أقصر) فضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صدره وقال: الحمد لله الذي وفق رسول الله لما يرضى رسول الله. وقد تكون ولاية القضاء بالمراسلة والمكاتبة مع الغيبة كما تكون بالمشافهة مع الحضور فإن كان التقليد مشافهة فقبوله على الفور لفظا وإن كان في الغيبة جاز أن يكون على التراضى. وقد تكون التولية عامة. وقد تكون خاصة. فإذا كانت عامة اشتمل نظره على عشرة أحكام، الفصْل في المنازعات، واستيفاء الحقوق من الممتنع، وثبوت الولاية على من كان ممنوعا من التصرف لضعف أهليته، والنظر في الأوقاف، وفى تنفيذ الوصايا، وفى تزويج الأيامى بالأكفاء عند عدم الأولياء، وفى إقامة الحدود على مستحقها، وفى النظر في المصالح عامة من كتب المعتدين ونحو ذلك، وفى تصفح الشهود والأمناء واختيار النائبين، وفى التسوية في الحكم بين القوى والضعيف والشريف والوضيع. وإن كانت خاصة اختصت بما تضمنته الصيغة عند التقليد أو التولية فليس للقاضى على الجملة وإن عمت ولايته جباية الخراج لأن ذلك من ولاية أمير الجيوش. أما أموال الصدقات فإن اختصت بناظر خرجت من عموم ولايته وإلا دخلت في عموم ولايته