للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بلا خلاف بل يبنى، وإن تكلم في أثناه فمكروه بلا خلاف. قال أصحابنا: فإن عطس حمد الله في نفسه وبنى، وإن سَلَّمَ عليه إنسان أو عطس لم يجبه ولم يشمته حتى يفرغ. فإن أجابه أو شمته أو تكلم بغير ذلك لمصلحة لم يكره وكان تاركًا للفضل، ولو رأى أعمى يخاف وقوعه في بئر أو حية تدب إلى غافل أو نحو ذلك وجب إنذاره ويبنى على أذانه. وإذا تكلم فيه لمصلحة أو لغير مصلحة لم يبطل أذانه إن كان يسيرًا؛ لأنه ثبت في الصحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: تكلم في الخطبة فالأذان أولى أن لا يبطل فإنه يصح مع الحدث وكشف العورة وقاعدًا وغير ذلك من وجوه التخفيف، وهذا الذي ذكرناه من أنه لا يبطل أذانه باليسير هو المذهب، وبه قطع الأصحاب إلا الشيخ أبا محمد فتردد فيه إذا رفع به الصوت؛ والصحيح قول الأصحاب. وإن طال الكلام أو سكت سكوتًا طويلًا أو نام أو أغمى عليه في الأذان ثم أفاق ففى بطلان أذانه طريقان أحدهما: لا يبطل قولا واحد وبه قطع العراقيون وهو نص الشافعي رحمه الله تعالى في الأم. والثانى: في بطلانه قولان وهو طريقة الخراسانيين قالوا: والنوم والإغماء وأولى بالإبطال من الكلام، والكلام أولى بالإبطال من السكوت. قال الرافعى: الأشبه وجوب الاستئناف عند طول الفصل. وحمل النص على الفصل اليسير، قال أصحابنا: والجنون هنا كالإغماء وممن صرح به القاضي أبو الطيب والمارودى والمحاملى والمتولى وغيرهم، ثم في الإغماء والنوم إذا لم توجب الاستئناف لعلة الفصل أو مع طوله على قولنا لا يبطل الطويل - يستحب الاستثناف نص عليه في (الأم)؛ واتفق الأصحاب عليه. وكذا يستحب في السكوت والكلام الكثيرين إذا لم نوجبه، فإن كان الكلام يسيرا لم يستحب الاستئثناف على أصح الوجهين وبه قطع الأكثرون. كما لا يستحب الاستئناف عند السكوت اليسير بلا خلاف. والوجه الثاني: يستحب ورجحه صاحب (الشامل) و (التتمة)؛ لأنه مستغن عن الكلام بخلاف السكوت، ثم إذا قلنا يبنى مع الفصل الطويل فالمراد ما لم يفحش الطول بحيث لا يعد مع الأول أذانًا. وحيث قلنا لا يبطل بالفصل المتخلل فله أن يبنى عليه بنفسه ولا يجوز لغيره على المذهب وهو المنصوص في (الأم) وبه قطع العراقيون لأنه لايحصل به إعلام. وأما إذا تكلم في الإقامة كلامًا يسيرًا فلا يضر، هذا مذهبنا وبه قال الجمهور، وحكى صاحب (البيان) عن الزهرى أنه قال: تبطل إقامته. دليلنا أنه إذا لم تبطل الخطبة وهى شرط لصحة الصلاة فالإقامة أولى، قال الشافعي في (الأم): ما كرهت له في الكلام في الأذان كنت له في الإقامة أكره. قال: فإن تكلم في الأذان والإقامة أو سكت فيهما سكوتا طويلًا أحببت أن يستأنف ولم أوجبه، وإن ارتد في أثناء الأذان لم يصح بناؤه في حال الردة فإن أسلم وبنى فالمذهب أنه إن لم يطل الفصل جاز البناء، وإلا فقولان: الصحيح منعه، وقيل في جوازه قولان مطلقًا.

[مذهب الحنابلة]

جاء فى (المغنى والشرح الكبير) (١) أنه: لا يستحب أن يتكلم في أثناء الأذان وكرهه طائفة


(١) المغنى: ١/ ٤٤١ - ٤٤٢.