للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعن على رضى الله عنه أنه أدخل يده اليمنى فى الاناء فملأ كفه فمضمض واستنشق ونثر بيده اليسرى فعل ذلك ثلاثا ثم قال هذا وضوء نبى الله صلّى الله عليه وسلّم.

قال (١) الأثرم: سمعت أبا عبد الله يسأل أيهما أعجب اليك المضمضة والاستنشاق بغرفة واحدة أو كل واحد منها على حدة؟ قال: بغرفة واحدة لما ذكرنا من حديث عثمان وعلى رضى الله عنهما.

وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه تمضمض واستنشق من كف واحد، وروى أنه تمضمض واستنشق واستنثر ثلاثا بثلاث غرفات فان شاء المتوضئ تمضمض واستنشق من ثلاث غرفات وان شاء فعل ذلك ثلاثا بغرفة واحدة.

وان أفرد المضمضة بثلاث غرفات والاستنشاق بثلاث غرفات جاز أى انه يفعلهما من ست غرفات لأنه قد روى فى حديث طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه فصل بين المضمضة والاستنشاق، رواه أبو داود.

وتجب (٢) الموالاة بين المضمضة والاستنشاق.

وتسن المبالغة فى الاستنشاق بجذب الماء بنفسه الى أقصى أنفه والواجب فى الاستنشاق جذب الماء الى باطن الأنف

وان لم يبلغ أقصاه ولا يكفى وضع الماء فى أنفه بدون جذب الى باطن الأنف، لأن ذلك لا يسمى استنشاقا.

والمبالغة (٣) مسنونة لغير الصائم لأن الاستنشاق تكره المبالغة فيه للصائم لقول النبى صلّى الله عليه وسلّم للقيط‍ بن صبرة:

وبالغ فى الاستنشاق الا أن تكون صائما.

[مذهب الظاهرية]

قال ابن حزم الظاهرى (٤): من صفة الوضوء أن يستنشق ويستنثر بأن يضع الماء فى أنفه ويجبذه بنفسه ولا بد، ثم ينثره بأصابعه ولا بد، مرة فان فعل الثانية والثالثة فحسن.

وهما فرضان لا يجزئ الوضوء ولا الصلاة دونهما لا عمدا ولا نسيانا.

والدليل على ذلك أن عبد الله بن ربيع حدثنا … عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اذا توضأ أحدكم فليجعل فى أنفه ماء ثم ليستنثر.


(١) المرجع السابق ج ١ ص ١٠٥، ص ١٠٦ الطبعة السابقة.
(٢) كشاف القناع ج ١ ص ٦٩ الطبعة السابقة.
(٣) المرجع السابق ج ١ ص ٧٧، ص ٥١٩ الطبعة السابقة.
(٤) المحلى لأبن حزم الظاهرى طبع ادارة الطباعة المنيرية بمصر سنة ١٣٥٠ هـ‍ الطبعة الأولى ج ٢ ص ٤٨ وص ٤٩ وص ٥٠ مسألة رقم ١٩٨.