للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فدائنوه كلهم سواء فى تركته، فتقسم على نسبة ديونهم سواء فى ذلك صاحب العين وغيره فلا يكون واحد منهم أحق من غيره بعين ماله الموجودة فى التركة. أما إذا ترك الميت المديون ما يوفى جميع ما عليه من ديون فإنه يجوز لصاحب العين حينئذ أن يأخذها ويكون أحق بها من سائر الدائنين على المشهور، سواء كانت التركة بقدر الدين أم أزيد، ومستند المشهور هذا صحيحه أبى ولاد عن الصادق، وبه. قال: ابن ادريس. وقال ابن الجنيد: يختص بها صاحبها وإن لم يكن بتركة الميت وفاء بديونه كلها قياسا على المفلس واستنادا إلى رواية مطلقة فى جواز الاختصاص (١)

[مذهب الإباضية]

يجوز للبائع أو المقرض أو غيره ممن تعامل معاملة ما من المعاملات الجائزة مع المفلس الذى حكم بإفلاسه سلطان أو قاض أو جماعة أو نحو ذلك - أن يأخذ شيئه إن وجده عند المفلس بعينه. كما يجوز له أن يأخذ ثمنه إذا كان قائما عند المفلس أيضا، ويكون أحق بذلك من باقى دائنيه ولو لم يكن للمفلس غيره. لأن المفلس أخفى إفلاسه فكان فى معاملته كالسارق، فمن عامله بعد ذلك يسترد شيأه كما يسترد المسروق منه ما سرق المفلس إن قام بعينه أو ثمنه. وذلك كله إن لم يعلم من باع للمفلس أو أقرضه بأنه محكوم عليه بالافلاس (٢). وكذلك إن كان ذلك منه سابقا على الحكم فافلاسه والحجر عليه كما هو ظاهر الأحاديث الواردة فى ذلك والتى سبق ذكرها، وهو الظاهر أيضا عند علماء المذهب. قال صاحب شرح النيل: فالذى عندى حمل الأحاديث على العموم لما قبل الحكم بالافلاس ولما بعده إذا عامله بعده ولم يعلم به. وحاصله أن للدائن ما وجده مما تعامل به مع المفلس قبل الحجر، وكذلك بعده إن لم يعلم بالحجر. وصريح كلام الدعائم وشرحها: أنه لا يكون أحق بمتاعه إلا إذا باعه بعد الحكم عليه بالافلاس وكان جاهلا بذلك،

قال ابن وصاف: المسألة من الجامع، ونصها من أخذ من قوم مالا ثم أفلس فهو بين الغرماء. وإن أخذه بعد أن أفلس ولم يعلم فتلك خيانة وصاحب المال أحق به إذا أدركه بعينه وبكلام الدعائم قال أبو الحسن (٣). والظاهر أن للدائن أخذ شيئه من المفلس بدون حكم القاضى به، وهو الصحيح كما هو ظاهر الأحاديث الواردة. وقيل: ليس له أخذه بدون قضاء القاضى به كما أن افلاسه صح بحكم القاضى.

أما إن كان المتعامل مع المفلس عالما بافلاسه والحجر عليه فليس له إلا أن يقاسم مع الدائنين بحصة دينه حتى ولو كان ماله باقيا بعينه عند المفلس لأنه ضيع ماله. وقيل: يكون له ما يفضل عن الدائنين أو ما يسعى فيه المفلس مع قضاء ديونهم، ولا يأخذ متاعه ولا يقاسم مع الدائنين بحصة دينه، لما ذكر ومن كان حاضرا فى بلد المفلس أو قريبا منها وادعى عدم العلم بافلاسه لم يعذر. وقيل: يعذر أن تبين عذره. أما من كان غائبا عن ذلك فيعذر أن ادعى عدم العلم بافلاسه. وقيل: لا. وإن باع المفلس المحجور عليه ما أقرضه أو باعه له إنسان فلا يختص صاحب الشئ بما فى ذمة من باع له المفلس، كما لا يختص بشيئه إذا سلمه المفلس للمشترى. وقيل:

إن باعه المفلس وقبضه المشترى منه كان لصاحبه أن يأخذه من المشترى ويرجع المشترى على المفلس بالثمن يقاسم به مع الدائنين. والوديعة صاحبها كذلك أحق بها على كل حال إذا أفلس المودع لأن ملك صاحبها لم يزل عنها. فإن دخلت الوديعة فى


(١) مفتاح الكرامة وشرح قواعد العلامة ج ٥ ص ٣٣٩ - ٣٤٨ الطبعة السابقة، وقواعد الاحكام فى معرفة الحلال والحرام ج ١ ص ١٧٤ - ١٧٧ طبعة حجر اسماعيل الجيلانى سنة ١٣٢٩، تحرير الاحكام للمحلى ج ١ ص ٢١٣ - ٢١٥ طبعة سنة ١٣١٤، الروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية ج ١ ص ٣٤٤ الطبعة السابقة، شرائع الإسلام ج ١ ص ٢٠١ - ٢٠٢ الطبعة السابقة، مختلف الشيعة فى احكام الشريعة ج ١ ص ٢٤٨ طبعة حجر احمد الشيرازى سنة ١٣٢٤، الخلاف فى الفقة للطوسى ج ١ ص ٦١٩ رقم ٢ طبعة طهران مطبعة رنكين.
(٢) شرح النيل وشفاء العليل ج ٧ ص ١٧٩ - ١٨٠.
(٣) المرجع السابق ج ٧ ص ١٨١ - ١٨٢.