للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله يوم القيامة لا حجة له" ..

"من مات وليست في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية" (١).

وهذا الحديث إن لم يرد فيه ذكر الإمام ولا الخليفة وأن الأحاديث السابقة تفسره.

ومنها ما ورد في وصف خيار الأئمة وشرارهم كحديث: "خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ويصلون عليكم وتصلون عليهم. وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنوكم".

ومنها ما ذكر فيه الخليفة بجانب النبي وأخبر فيه بما يكون له من بطانتى الخير والشر كحديث: "ما بعث الله من نبى ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان: بطانة تأمره بالمعروف وتحضه عليه .. وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه، فالمعصوم من عصمة الله" (٢).

ومنها ما جاء لبيان منزلة الإمام العادل وفضله كحديث: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله" وصدرها بالإِمام العادل فقال: "إمام عادل" الموطأ بشرح الزرقانى (٣). وحديث: "إنما الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به فإن أمر بتقوى الله عز وجل وعدل كان له بذلك أجر، وأن يأمر بغيره كان عليه منه" (٤). فهذه الأحاديث الواردة في أغراض شتى وبأسانيد مختلفة وكلها تدور حول الإمام فتبين مسئوليته وتأمر بالوفاء ببيعته وإطاعته وملازمته وقتل من يحاول الخروج عليه وتصف الأئمة وتفرق بين خيارهم وشرارهم. هذه الأحاديث إذا وقعت في يد مجتهد يتبصر في حكمة أمرها ونهيها ووصفها لا يتردد في ان نصب الإمام أمر حتم وشرع قائم ولا يصح أن يكون هذا الحق إلا من قبيل الواجب.

تلك هي أدلة أهل السنة على وجوب الإمامة ونصب الإمام العام وأن هذا الوجوب على الأمة لا على الله تعالى وقد أشرنا في الحديث عن آراء الفرق الأخرى من غير أهل السنة إلى استدلالهم على ما ذهبوا إليه ومناقشة تلك الأدلة والرد عليها. ولم يبق إلا الشيعة .. وسنبدأ فيما يلى الكلام عن مذاهبهم وفرقهم وأدلتهم والرد عليها ..

[الشيعة]

والشيعة كما عرفهم ابن خلدون سلفة الصحب والأتباع ويطلق في عرف الفقهاء والمتكلمين من الخلف والسلف. على من تشبهوا لعلى بن أبى طالب وبنيه رضى الله عنهم وقالوا بانحصارا الإِمامة بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه وفى بنيه من بعده على ترتيب يختلف باختلاف فرقهم ويكاد يكون موضوع الشيعة ورأيهم في الإمامة وفرقهم ومذهب كل فرقة في ترتيب أشخاص الأئمة وتسلسل الإِمامة في الأشخاص واختلافهم في هذا التسلسل.

ووقوف بعضهم بالإمامة عند بعض الأشخاص ولا يردن نقلها من بعده إلى غيره مع قول بعض منهم إن هذا الشخص الذي وقفوا بالإمامة عليه قد مات ولكنه سيعود. وحول بعض آخر إنه لم يمت ولكنه غائب وسيرجع من غيبته ويستمر في الإمامة، ومنهم من يقول بانتقال الإِمامة من هذا الشخص إلى غيره يختلفون اختلافا كبيرا فيمن تنقل إليه الإِمامة ..


(١) مسلم جـ ٦ ص ٢٢، ٢٤.
(٢) البخارى ص ٩ ص ٧٧.
(٣) الموطأ بشرح الزرقانى جـ ٤ ص ٦١ مطبعة بولاق.
(٤) مسلم جـ ٦ ص ١٧.