للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأعظم على قوم رجلا يكرهه أكثرهم نص عليه الشافعي وصرح به صاحب الشامل والتتمة ولا يكره إن كرهه دون الأكثر بخلاف الإمامة العظمى فإنها تكره إذا كرهها البعض ولا يكره أن يؤم من فيهم أبوه وأخوه الأكبر لأن الزبير كان يصلى خلف ابنه عبد الله وأنس كان يصلى خلف ابنه وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - عمرو بن سلمة أن يصلى بقومه وفيهم أبوه وإن اجتمع مسافر ومقيم. فالمقيم أولى لأنه إذا تقدم المقيم أتموا كلهم فلا يختلفون وإذا تقدم المسافر اختلفوا في الصلاة وإن اجتمع حر وعبد فالحر أولى لأنه موضع كمال والحر أكمل وإن اجتمع عدل وفاسق فالعدل أولى لأنه أفضل وإن اجتمع ولد الزنا مع غيره فغيره أولى لأنه كرهه عمر بن عبد العزيز ومجاهد رضى الله تعالى عنهما فكان غيره أولى منه.

ثم قال (١): وإذا خرج الإمام من صلاته بحدث أو غيره انقطعت القدوة به لزوال الرابطة وحينئذ فيسجد لسهو نفسه ويقتدى بغيره وغيره به فإن لم يخرج أي الإمام وقطعها المأموم بنية المفارقة بغير عذر جاز مع الكراهة لمفارقته للجماعة المطلوبة وجوبا أو ندبا مؤكدا بخلاف ما إذا فارقه لعذر فلا كراهة لعذره وصحت صلاته في الحالين.

وجاء في المهذب (٢): أنه يكره أن يصلى الرجل بامرأة أجنبية لما روى أن النبى - صلي الله عليه وسلم - قال: "لا يخلون رجل بامرأة فإن ثالثهما الشيطان" ويكره أن يصلي خلف التمتام والفأفاء لما يزيدان في الحروف فإن صلى خلفهما صحت صلاته لأنها زيادة هو مغلوب عليها.

[مذهب الحنابلة]

جاء في كشاف القناع (٣): أن الأولى بالإمامة الأجود قراءة الأفقه لحديث أبى سعيد الخدرى رضى الله تعالى عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إذا كان ثلاثة فليؤمهم أحدهم وأحقهم بالإمامة أقرؤهم" رواه مسلم. وعن ابن عباس رضى الله تعالى عنه مرفوعا" ليؤذن لكم خياركم وليؤمكم أقرؤكم" رواه أبو داود، ثم الأجود قراءة الفقيه ثم الأقرأ جودة وإن لم يكن فقيها لما تقدم وأما تقديم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر حيث قال: "مروا أبا بكر فليصل بالناس" مع أن غيره في ذلك الزمن كان أقرأ منه وأحفظ كأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت رضى الله تعالى عنهم. فأجاب أحمد رحمه الله تعالى: بأنه إنما قدمه على من هو أقرأ لتفهم الصحابة من تقديمه في الإمامة الصغرى استحقاقه للإمامة الكبرى وتقديمه فيها على غيره. وقال الطبراني لما استخلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر بعد قوله يؤم القوم أقرؤهم صح أن أبا بكر أقرؤهم وأعلمهم لأنهم لم يكونوا يتعلمون شيئا من القرآن حتى يتعلموا معانيه وما يراد به كما كما قال ابن مسعود رضى الله تعالى عنه كان الرجل منا إذا علم عشر آيات لم يتجاوزهن حتى يعلم معانيهن والعمل بهن وإنما قدم الأجود قراءة على الأكثر


(١) انظر مغنى المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج للشربينى الخطيب جـ ١ ص ٢٥٧ وما بعدها طبع المطبعة الميمنية بمصر سنة ١٣٠٦ هـ الطبعة الأولى.
(٢) انظر من كتاب المهذب لأبى إسحاق الشيرازى جـ ١ ص ٩٩ وما بعدها طبع مطابع عيسى البابى الحلبى وشركاه بمصر سنة ١٣١٩ هـ.
(٣) انظر كشاف القناع عن متن الإقناع للعلامة الشيخ منصور بن إدريس الحنبلى وبهامشه شرح لمنتهى الإرادات للشيخ منصور بن يونس البهوتى جـ ١ ص ٣٠٤، ص ٣٠٥ وما بعدهما طبع مطابع المطبعة العامرة الشرفية سنة ١٣١٩ هـ الطبعة الأولى، ومنتهى الإرادات لابن منصور البهوتى جـ ١ ص ٢٨٨، ص ٢٨٩ الطبعة السابقة.