قرآنا لأن المجود لقراءته أعظم أجرا لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قرأ القرآن فأعربه فله بكل حرف عشر حسنات ومن قرأه ولحن فيه فله بكل حرف حسنة" رواه الترمذى وقال حسن صحيح. وقال أبو بكر وعمر رضى الله تعالى عنهما إعراب القرآن أحب إلينا من حفظ بعض حروفه ثم إن استويا في الجودة أو عدمها فالأولى بالإِمامة الأكثر قرآنا الأفقه ثم الأكثر قرآنا الفقيه ثم إن استويا في القراءة القارئ الأفقه ثم القارئ الفقيه ثم القارئ العارف فقه صلاته ثم الأفقه الأعلم بأحكام الصلاة وإن كان أميا إذا كانوا كلهم كذلك لحديث أبى مسعود البدرى رضى الله تعالى عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يؤم الناس أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه" رواه مسلم ومن شرط تقديم الأقرأ أن يكون عالما فقه صلاته وما يحتاجه فيها لأنه إذا لم يكن كذلك لا يؤمن أن يخل بشئ مما يعتبر فيها حافظا للفاتحة لأن الأمى لا تصح إمامته إلا بمثله ولو كان أحد الفقيهين المستويين في القراءة أفقه أو أعلم بأحكام الصلاة قدم لأن علمه يؤثر في تكميل الصلاه ويقدم قارئ لا يعلم فقه صلاته على فقيه أمى لا يحسن الفاتحة لأنها ركن في الصلاة بخلاف معرفة أحكامها ثم إن استويا في القراءة والفقه يقدم الأسن لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمالك بن الحويرث:"إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم" متفق عليه. ولأنه أقرب إلى الخشوع وإجابة الدعاء ثم إن إستووا فيما تقدم فالأولى الأشرف وهو من كان قرشيا إلحاقا للإمامة الصغرى بالكبرى لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الأئمة من قريش" وقوله: "قدموا قريش ولا تقدموها" والشرف يكون بعلو النسب فتقدم منهم بنو هاشم لقربهم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على من سواهم كبنى عبد شمس ونوفل ثم الأقدم هجرة بسبقه إلى دار الإسلام مسلما وعلم منه بقاء حكم الهجرة. وأما قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "لا هجرة بعد الفتح" فالمعنى لا هجرة من مكة بعد أن صارت دار اسلام ومثله السبق بالإسلام فيقدم السابق به على غيره إذا استويا في عدم الهجرة كما لو أسلما بدار إسلام لأن في بعض ألفاظ حديث أبى مسعود "فإن كانوا في الهجرة فأقدمهم سلما" أي إسلاما ولأنه قربة وطاعة كالهجرة ثم الأتقى والأروع لقول الله عز وجل: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}(١) فيقدم على الأعمر للمسجد لأن معقود الصلاة هو الخضوع ورجاء إجابة الدعاء والأفقى والأورع أقرب إلى ذلك. قال القشيرى في رسالته الورع اجتناب الشبهات. زاد القاضي عياض في المشارق خوفا من الله تعالى. ثم إن استووا في ذلك يقلم من يختاره الجيران المصلون أو كان أعمر للمسجد. والمذهب كما في المقنع والمنتهى وغيرهما يقرع ثم بينهم لأن سعدا أقرع بين الناس يوم القادسية في الأذان والإمامة أولى ولأنهم تساووا في الاستحقاق وتعذر الجمع فأقرع بينهم كسائر الحقوق فإن تقدم المفضول على الفاضل بلا أذنه صحت إمامته وكره لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أم الرجل القوم وفيهم من هو خير منه لم يزالوا في سفال" ذكره الإمام أحمد في رسالته. وإذا أذن الأفضل للمفضول لم يكره أن يتقدم نصا لأن الحق في التقدم له وقد أسقطه ولا بأس أن يؤم