للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأشهد لك وقبضت ذكر الحق كان ذلك قبضا لأن الدين هكذا يقبض ليس هو شيئا بعينه (١).

[مذهب الشافعية]

جاء فى نهاية المحتاج أن هبة الدين المستقر للمدين أو التصدق به عليه ابراء فلا يحتاج الى قبول نظرا للمعنى، وهذا صريح فيه خلافا لما فى الذخائر من أنه كناية، نعم ترك الدين للمدين كناية ابراء وهبة لغير المدين باطلة فى الأصح، لأنه غير مقدور على تسليمه لأن ما يقبض من المدين عين لا دين وظاهر كلام جماعة واعتمده الوالد رحمه الله تعالى بطلان ذلك وان قلنا بصحة بيعه لغير من هو عليه بشروطه ويفرق بين صحة بيعه وعدم صحة هبته بأن بيع ما فى الذمة التزام لتحصيل المبيع فى مقابلة الثمن الذى استحقه والالتزام فيها صحيح بخلاف هبته فانها لا تتضمن الالتزام اذ لا مقابل فيها فكانت بالوعد أشبه فلم يصح وبتأمل هذا يندفع ما فى شرح المنهج والاسعاد وغيرهما من تخريج هذا على ذاك والحكم بصحة هبته بالأولى ان قلنا بصحة بيعه، ولو تبرع موقوف عليه بحصته من الأجرة لآخر لم يصح لأنها قبل قبضها اما غير مملوكة أو مجهولة فان قبض هو أو وكيله منها شيئا قبل التبرع وعرف حصته منها ورآه هو أو وكيله وأذن له فى قبضه وقبضه صح والا فلا، ولا يصح اذنه لجابى الوقف أنه اذا قبضه يعطيه للمتبرع عليه لأنه توكيل قبل الملك فى مجهول (٢).

[مذهب الحنابلة]

جاء فى كشاف القناع أنه لو وهب غريم دينه لغريمه صح وكذا لو أحله منه أو أسقطه عنه أو تركه له أو ملكه له أو تصدق به عليه أو عفا عنه صح وبرئت ذمته وكذا لو قال أعطيتكه ونحوه ويكون ذلك ابراء واسقاطا ولفظ‍ الهبة والصدقة والعطية ينصرف الى معنى الابراء لأنه عين موجودة يتناولها اللفظ‍، قال الحارثى ولهذا لو وهبه دينه هبة حقيقية لم يصح لانتفاء معنى الاسقاط‍ وانتفاء شرط‍ الهبة ومن هنا امتنع هبته لغير من هو عليه وامتنع اجزاؤه عن الزكاة لانتفاء حقيقة الملك ويصح الابراء من الدين بالألفاظ‍ السابقة ولو كان الدين المبرأ منه مجهولا لرب الدين والمدين أو كان مجهولا لأحدهما وسواء جهلا قدره أو جهلا وصفه أو جهلا القدر والوصف معا.


(١) التاج والاكليل لشرح مختصر خليل للمواق ج ٦ ص ٥٢ على هامش كتاب مواهب الجليل للحطاب الطبعة السابقة.
(٢) نهاية المحتاج الى شرح المنهاج لشمس الدين محمد بن أبى العباس أحمد بن حمزة بن شهاب الدين الرملى ج ٥ ص ٤١٠، ص ٤١١ فى كتاب أسفله حاشية الشبراملسى على نهاية المحتاج وعلى هامشه حاشية عبد الرازق طبع شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابى الحلبى بمصر سنة ١٣٥٧ هـ‍، سنة ١٩٣٨ م.