عليه من الدية حتى أعسر لم يسقط ما عليه ويبقى دينا فى ذمته.
ولو ادعى الاعسار بعد اليسار فالقول قوله مع يمينه ولا يكلف البينة، لأنه انما يتحمل بعد العلم بيساره.
وان أعسرت كل العاقلة بتحمل كل الدية أو بعضها عن الجانى تحملها عنه كلا أو بعضا بيت المال ان وجد وكان الجانى مسلما.
فان فقد بيت المال أو امتنع ناظره من تحملها عنه ظلما فكل الدية أو الباقى منها بعد التوزيع على العاقلة تلزم الجانى فى ماله على الأظهر، وتلزمه مؤجلة كالعاقلة.
فان مات معسرا سقطت عنه كما لو كان حيا معسرا على ما سبق ذكره فى بداية الكلام عنها (١).
[مذهب الحنابلة]
لا يجب شئ من الدية على معسر من العاقلة حتى ولو كان مكتسبا، لأن تحميل المعسر شيئا منها يثقل عليه ويجحف بماله، وربما يكون الواجب عليه جميع ماله أو أكثر منه وهذا هو الصحيح.
وروى أبو الخطاب عن أحمد: أن للمعسر مدخلا فى التحمل، لأنه من أهل النصرة فكان من العاقلة كالموسر.
والاعسار هنا - على الصحيح يتحقق فى كل من لا مال له أصلا، أو فيمن لا يملك نصاب الزكاة عند حلول الحول الذى يبدأ من حين وجوب الدية بموت المجنى عليه أو بشفائه من جرحه.
فان كان موسرا ثم أعسر فى أثناء الحول قبل نهايته فانه يسقط عنه قسط ذلك الحول لأنه مال يجب مواساة فيسقط بحدوث المانع قبل تمام الحول كالزكاة.
أما ان أعسر بما وجب عليه من الدية بعد انتهاء الحول لم يسقط عنه بذلك. لأنه حق تدخله النيابة لا يملك اسقاطه فى حياته فأشبه الديون.
وان كان معسرا فى بداية الحول ثم أيسر فى أثنائه.
فقال القاضى أبو يعلى: يلزمه أداء ما كان يلزمه لو كان موسرا جميع الحول، لأنه وجد وقت الوجوب وهو من أهله.
وقيل: يحتمل أن لا يلزمه شئ عن هذا الحول الذى أيسر فيه، لأنه لم يكن من أهل الوجوب حالة السبب فلم يثبت الحكم فيه حالة تحقق الشرط.
وان أعسرت كل عاقلة الجانى بأداء كل الدية أو بعضها.
فان كان الجانى مسلما أخذت الدية كلها أو بعضها من بيت المال دفعة واحدة غير مؤجلة على الأصح، لأنها تؤجل على العاقلة تخفيفا عنهم ولا حاجة الى ذلك فى بيت المال فان تعذر أخذها من بيت المال لأى سبب من
(١) اسنى المطالب ج ٤ ص ٨٥ - ٨٦ شرح المحلى على المنهاج بحاشيتى قليوبى وعميرة عليه ج ٤ ص ١٥٥ - ١٥٧