وقد عرف صاحب تنوير الابصار - الاقرار بأنه اخبار يحق عليه من وجه انشاء من وجه. وهذا جمع بين الطرفين - وجاء فى التكملة: وكان وجهه ثبوت ما استدل به الفريقان. وجرى كثير من مؤلفى الحنفية والكاتبون فى فقههم على أن الاقرار اخبار من وجه وانشاء من وجه. وفرعوا على كلا الوجهين الفروع التى احتج بها كل من أصحاب الرأيين … وزادوا فيما تفرع على كونه اخبارا من وجه أمور هى:
اذا أقر العبد المأذون بالتجارة بعين فى يده لآخر صح اقراره ولزم ولو كان انشاء لما صح لأن العبد ليس له أن يتبرع بمال سيده الا باذنه.
واذا أقر المسلم لآخر بخمر قائمة فى يده صح اقراره ولزمه تسليم عين الخمير المقر بها ولو كان انشاء لما صح لأن المسلم منهى عن تملك الخمر وتمليكه.
واذا أقر بنصف داره القابلة للقسمة لآخر مشاعا صح ولزمه الاقرار وصار المقر له شريكا له فى الدار. ولو كان انشاء لما صح لأن هبة المشاع القابل للقسمة لا تتم ولو بعد القبض. بخلاف ما لو كان حيز قابل للقسمة كالبيت والحمام الصغيرين. فان هبة المشاع فيهما تصح وتتم بالقبض .. اذ أقر بدين عليه لآخر فأراد المقر له ان يدعى على المقر استحقاقه لما أقر به بسبب الاقرار لا تسمع الدعوى لأن الاقرار ليس سببا لتمليك المقر به للمقر له بل هو اخبار عن الملك الحاصل لسبب آخر. ولو كان انشاء لأفاد التمليك بذاته وكانت تصح الدعوى بالمقر به بسبب الاقرار.
وهذا مذهب الجمهور وجميع المتأخرين وهو الصحيح المعول عليه ..
وقيل انه انشاء يفيد التمليك بذاته فيجوز سماع الدعوى بسببه.
اذا أقر لآخر بدين على أنه بالخيار ثلاثة أيام صح الاقرار ولزم المال وبطل الخيار سواء صدقه المقر له فيه أو كذبه وذلك لأن الاقرار اخبار والاخبار لا يحتمل الفسخ الذى هو المقصود من الخيار. ولو كان تمليكا مبتدأ لصح الخيار.
[ركن الاقرار]
هو اللفظ أو ما فى حكمه مما يدل على ثبوت الحق للغير على النفس نحو ان يقول:
لفلان عندى ألف درهم أو مائة دينار. أو هذه الدار ملك فلان. أو هذه الدابة لفلان أو ما أشبه ذلك ..
[حجية الاقرار]
جاء فى تكملة الفتح أن حجية الاقرار ثابتة بالكتاب والسنة والاجماع والمعقول:
[اما الكتاب]
فقوله تعالى:(وليملل الذى عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا) أمر الله تعالى باملاء من عليه الحق. والاملال لا يتحقق الا بالاقرار. فلو لم يكن الاقرار حجة عليه ومؤاخذا به لما كانت هناك فائدة منه ولما امر الله به فأمره به دليل على حجيته .. وايضا