للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قال (١): أما ان كانت القرينة منفعة بأن قال: دارى لك سكنى، أو عمرى سكنى، أو صدقة سكنى، أو هبة سكنى، أو سكنى هبة، أو هى لك عمرى عارية ودفعها اليه فهذا كله عارية، لأنه لما ذكر السكنى فى قوله دارى لك سكنى أو عمرى سكنى أو صدقة سكنى دل على أنه أراد تمليك المنافع، لأن قوله هذا لك ظاهره وان كان لتمليك العين لكنه يحتمل تمليك المنفعة، لأن الاضافة الى المستعير والمستأجر منفعة عرفا وشرعا وقوله «سكنى» موضوع للمنفعة لا تستعمل الا لها فكان محكما فجعل تفسيرا للمحتمل وبيانا أنه أراد به تمليك المنفعة وتمليك المنفعة بغير عوض هو تفسير العارية، وكذا قوله سكنى بعد ذكر الهبة يكون تفسيرا للهبة، لأن قوله هبة يحتمل العين، ويحتمل هبة المنافع، فاذا قال سكنى فقد عين هبة المنافع فكان بيانا لمراد المتكلم، أنه أراد هبة المنافع، وهو تفسير العارية.

ولو قال هى لك عمرى تسكنها أو صدقة تسكنها ودفعها اليه فهو هبة، لأنه فسر الهبة بالسكنى، لأنه لم يجعله نعتا فيكون بيانا للمحتمل بل وهب الدار منه ثم شاوره فيما يعمل بملكه والمشورة فى ملك الغير باطلة فتعلقت الهبة بالعين وقوله تسكنها بمنزلة قوله لتسكنها، كما اذا قال وهبتها لك لتؤاجرها.

ولو قال هى لك تسكنها كانت هبة أيضا، لأن الاضافة بحرف اللام الى من هو أهل الملك للتمليك وقوله تسكنها مشورة على ما بينا.

[مذهب المالكية]

جاء فى حاشية الدسوقى (٢): أنه لا تصح هبة ولى لمحجوره دار سكناه اذا استمر ساكنا بها حتى مات الا أن يسكن الواهب أقلها ويكرى لمحجوره الأكثر منها فتصح الهبة فى جميعها فتكون كلها للمحجور، وان سكن النصف منها وأكرى للمحجور النصف الآخر بطل النصف الذى سكنه فقط‍، وصح النصف الذى أكراه له.

ثم الراجح الذى يفيده النقل أن العبرة باخلاء النصف الذى لم يسكنه من شواغل الواهب وان لم يكره للمحجور، وان سكن الأكثر وأكرى له الأقل بطل الجميع، وموضوع تفصيله فى المحجور ولو بلغ رشيدا ولم يجز بعد رشده.

وأما لو وهب دار سكناه لولده الرشيد فما حازه الولد ولو قل صح، وما لم يحزه الولد بل سكنه الأب فلا يصح.

قال البنانى وفيه نظر فان الذى فى ابن عرفة عن بعض شيوخ عبد الحق


(١) بدائع الصنائع للكاسانى ج‍ ٦ ص ١١٨ الطبعة السابقة.
(٢) حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج ٤ ص ١٠٧، ص ١٠٨ الطبعة السابقة.