للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه فانها للذى يعطاها، لا يرجع الى الذى أعطاها، لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث.

وعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أعمر عمرى حياته فهى له ولعقبه يرثها من يرثه بعده، فدلت هذه النصوص على جواز الهبة وبطلان التوقيت.

وان كانت القرينة شرطا نظر الى الشرط‍ المقرون، فان كان مما يمنع وقوع التصرف تمليكا للحال يمنع صحة الهبة، والا فيبطل الشرط‍، وتصح الهبة.

وعلى هذا يخرج ما اذا قال: أرقبتك هذه الدار أو صرح فقال: جعلت هذه الدار لك رقبى، أو قال: هذه الدار لك رقبى ودفعها اليه فهى عارية فى يده له أن يأخذها منه متى شاء، وهذا قولى أبى حييفة ومحمد.

وقال أبو يوسف هذه هبة، وقوله رقبى باطل، واحتج أبو يوسف بما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أجاز العمرى والرقبى، ولأن قوله دارى لك تمليك العين لا تمليك المنفعة، ولما قال رقبى فقد علقه بالشرط‍، وأنه لا يحتمل التعليق فبطل الشرط‍ وبقى العقد صحيحا، ولهذا لو قال: دارى لك عمرى أنه تصح الهبة، ويبطل شرط‍ المعمر، كذا هذا.

واحتج أبو حنيفة ومحمد بما روى الشعبى عن شريح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجاز العمرى وأبطل الرقبى ومثلهما لا يكذب، ولأن قوله دارى لك رقبى تعليق التمليك بالخطر، لأن معنى الرقبى أن يقول: ان مت أنا قبلك فهى لك، وان مت أنت قبلى فهى لى، فلا تصح هبة وتصح عارية، لأنه دفع اليه وأطلق له الانتفاع به، وهذا معنى العارية، وهذا بخلاف العمرى، لأن هناك وقع تمليكا للحال فهو بقوله عمرى وقت التمليك، وأنه لا يحتمل التوقيت فبطل، وبقى العقد على الصحة.

ولا اختلاف بينهم فى الحقيقة ان كان الرقبى والارقاب يستعملان فى اللغة فى هبة الرقبة، وينبغى أن ينوى فان عنى به هبة الرقبة يجوز بلا خلاف، وان عنى به مراقبة الموت لا يجوز بلا خلاف.

ولو قال لرجلين دارى لأطولكما حياة فهو باطل، لأنه لا يدرى أيهما أطول حياة فكان هذا تعليق التمليك بالخطر فبطل، ولو قال دارى لك حبيس فهذا عارية عند أبى حنيفة ومحمد.

وعند أبى يوسف هو هبة وقوله حبيس باطل بمنزلة الرقبى.