التعبير باتباع العلة مهما وجدت فالتكرار مستند إلى تكرار العلة لا إلى الأمر. وإن كان الثاني فهو محل خلاف.
ثم قال: والمختار أنه لا تكرار.
ولم يقتنع الآمدى بحجج القائلين بالرأى الذي اختاره فذكر منها ثلاث حجج تولى هو الرد عليها ثم قال:
والمعتمد في ذلك أن يقال: لو وجب التكرار لم يخل إما أن يكون المقتضى له نفس الأمر أو الشرط أو مجموع الأمرين.
لا جائز أن يقال بالأول لما سبق في دلالة الأمر على التكرار أو المرة - ولا بالثانى لأن الشرط غير مؤثر في المشروط بحيث يلزم من وجوده وجوده بل إنما تأثيره في انتفاء المشروط عند انتفائه. وحيث قيل بملازمة المشروط لوجود الشرط في قوله لزوجته: إن دخلت الدار فأنت طالق. إنما كان لضرورة وجود الموجب وهو قوله "أنت طالق لا لنفس دخول الدار وإلا كان دخول الدار موجبا للطلاق مطلقا وهو محال.
ولا جائز أن يقال بالثالث أجمعنا على انه لوقال لعبده: إذا دخلت السوق فاشتر لحما أنه لا يقتضى التكرار وذلك إما أن يكون مع تحقق الموجب للتكرار أولا مع تحققه. لا جائز أن يقال بالأول وإلا فانتفاء التكرار إما لمعارض أولا لمعارض والأول ممتنع لما فيه من المعارضة وتعطيل الدليل عن إعماله وهو خلاف الأصل. والثانى أيضا باطل لما فيه من مخالفة الدليل من غير معارض فلم يبق سوى الثاني وهو المطلوب.
ثم تناول حجج المعارضين وتولى الرد عليها وهى:
[الحجة الأولى]
أنه قد وجد في كتاب الله تعالى أوامر متعلقة بشروط وصفات وهى متكررة بتكررها كقوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا} {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا} الآيات ولو لم يكن ذلك مقتضيا للتكرار لما كان متكررا.
وأجاب عن ذلك بأنه إذا ثبت بما ذكرناه أن الأمر المعلق بالشرط أو الصفة غير مقتض للتكرار فحيث قضى بالتكرار إما أن يكون الشرط والصفة علة للحكم المكرر في نفس الأمر كما في الزنا والسرقة أو لا يكون علة له. فإن كان الأول فالتكرار إنما كان لتكرر العلة الموجية للحكم ولا كلام فيه وإن كان الثاني فيجب اعتقاد كونه متكررا لدليل اقتضاه غير الأمر المعلق بالشرط والصفة لما ذكرناه من عدم اقتضائه. كيف وإنه كما قد يتكرر الفعل المأمور به يتكرر الشرط فقد لا يتكرر كالأمر بالحج فإنه مشروط بالاستطاعة وهو غير متكرر بتكررها.
[الحجة الثانية]
إن العلة بتكرر الحكم بتكررها إجماعا والشرط أقوى من العلة لانتفاء الحكم بانتفائه بخلاف العلة فكان اقتضاؤه للتكرار أولى.
وأجاب: إنه لا يلزم من تكرر الحكم بتكرر العلة لكونها موجبة للحكم تكرره بتكرر الشرط مع أنه غير موجب للحكم كما تقرر.
[الحجة الثالثة]
أن نسبة الحكم إلى أعداد الشرط المعلق عليه نسبة واحدة ولا اختصاص له بالموجود الأول منها