للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واختلف فقهاء الشافعية فى حكم الجزء المبان من السمكة وهى حية فيرى بعضهم أنه لا يحل أكل الجزء المبان لعموم قوله عليه السلام (ما أبين من الحى فهو ميت) والأصح عندهم أنه يحل أكل الجزء المبان من السمك لأنه يحل أكل ميتة السمك وما حلت ميتته لا حاجة الى تذكيته. وجميع أنواع الحيوان المائى وهى التى لا تعيش إلا فى البحر ولا تبقى فى البر إلا بمقدار حياة المذبوح فقط‍ حكمها عند الشافعية حكم السمك. والحراد عندهم حكمه حكم السمك فى جميع أحواله (١).

مذهب الحنابلة (٢): وقال فقهاء الحنابلة أن السمك وغيره من ذوات الماء التى لا تعيش إلا فيه يحل أكل ميتته لقوله عليه السلام فى البحر (هو الطهور ماؤه الحل ميتته) وهذا أيضا هو حكم الجراد عندهم. والظاهر من ذلك إن الجزء المبان من كل يحل أكله.

[وقال ابن حزم الظاهرى]

أن ميتة الجراد حلال وكذلك السمك وكل ما يسكن جوف الماء ولا يعيش إلا فيه.

وأما ما يعيش فى الماء والبر كالسلحفاة فلا يحل أكله إلا بذكاة عدا الضفدع فإنه لا يحل أكله أصلا.

ويؤخذ من هذا أنه إذا أبين جزء من حيوان حى يعيش فى الماء وفى البر مما يؤكل عندهم قبل ذكاته فلا يحل أكل هذا الجزء المبان كما أن تذكية الحيوان بعد ذلك لا تحل الجزء المبان (٣).

ومذهب الزيدية كمذهب الحنفية بالنسبة لإبانة جزء من الجراد أو السمك.

والجزء المبان من السمك يحل أكله سواء أبين من السمك وهو حى أو كان قد مات بسبب اصطياد الإنسان له أو بسبب جزر الماء عنه وبقاء السمك مكشوفا أو بسبب قذف الماء له فى البر أو بسبب نضوب الماء أو بسبب ازدحامه فى الحظيرة التى أعدها الصائد لإصطياد السمك. فان مات السمك بسبب سوى ما تقدم اعتبر طافيا فلا يحل أكله لقوله عليه الصلاة والسلام: «ما وجدتموه طافيا فلا تأكلوه» ومن قبيل الطافى عندهم ما قتله حيوان. فهم يخالفون الحنفية فى بيان معنى الطافى.

والحكم الخاص بحل الجزء المبان من السمك يشمل عندهم كل ما يحل آكله من حيوان الماء. أما ما لا يحل أكله من حيوان الماء فلا يحل أكل الجزء المبان منه. وهم يحرمون من حيوان الماء ما حرم شبهه من حيوان البر كالمارماهى والسلحفاة كما أن ما يعيش فى الماء والبر كالضفدع يحرم أكله لخبثه (٤).

ومذهب الإباضية كمذهب الحنفية فى أن ما أبين من السمك والجراد يحل أكله سواء أكان السمك أو الجراد حيا أو ميتا والصحيح من مذهبهم أن صيد البحر يشمل كل حيوان مائى وإن كان على صورة كلب أو خنزير أو آدمى (٥).

وفقهاء الإمامية يقولون: أن السمك والجراد لا يحل أكلهما بدون التذكية.

وتذكية السمك عندهم استيلاء الإنسان عليه


(١) راجع: شرح المحلى على المنهاج وحاشية القليوبى وعميرة ج‍ ٤ ص ٢٤١ طبعة سنة ١٣٦٨ هـ‍.
(٢) راجع المغنى ج‍ ١١ وشرح منتهى الإرادات ج‍ ٣ المراجع السابقة الإشارة إليها.
(٣) راجع المحلى لابن حزم ج‍ ٧ ص ٣٩٣، ٣٩٨، ٤٣٧، ٤٣٨ طبعة سنة ١٣٤٧ هـ‍.
(٤) راجع البحر الزخار ج‍ ٤ ص ٢٩١، ٣٠٢، ٣٠٤ طبعة سنة ١٣٦٦.
(٥) راجع شرح النيل ج‍ ٢ ص ٥٧٤.