للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بينهما والنكاح مفسوخ اذا شهد النسوة على الرضاع أو الرجال. فان شهد على اقرار الرجل والمرأة بالرضاع أربع نسوة لم تجز شهادتهن لان هذا مما يشهد عليه الرجال وانما تجوز شهادة النساء منفردات فيما لا ينبغى للرجال ان يتعمدوا النظر اليه لغير شهادة. وان كان هذا بعد اصابته اياها وكان هو المقر فان كذبته فلها المهر الذى سمى لها وان صدقته فلها مهر مثلها كان أكثر أو أقل من المهر الذى سمى لها وان كانت هى المدعية أنها أخته لم تصدق الا أن يصدقها فيكون لها مهر مثلها.

وان نزل للرجل من ثديه لبن فأرضع به مولودة يكره له نكاحها ولولده فان نكحها يرى الشافعى انه لا ينفسخ لان الله سبحانه وتعالى ذكر رضاع الوالدات - والوالدات اناث والوالدون غير الوالدات وذكر الوالد بأن عليه مؤنة الرضاع. فقال عز وجل «وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» فلم يجز أن يكون حكم الآباء حكم الأمهات ولا حكم الأمهات حكم الآباء وقد فرق الله عز وجل بين أحكامهم (١).

[مذهب الحنابلة]

جاء فى كتاب «المغنى» ان الأصل فى التحريم بالرضاع الكتاب والسنة والاجماع أما الكتاب فقول الله سبحانه وتعالى «وَأُمَّهاتُكُمُ اللاّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ» (٢) ذكرهم الله سبحانه وتعالى فى جملة المحرمات. أما السنة فما روت عائشة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال «ان الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة» متفق عليه. وفى لفظ‍ «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب» رواه النسائى وعن ابن عباس رضى الله عنه قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بنت حمزة «لا تحل لى يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب وهى ابنة أخى من الرضاع» متفق عليه فى أخبار كثيرة وأجمع علماء الأمة على التحريم بالرضاع اذا ثبت هذا فان تحريم الأم والأخت ثبت بنص الكتاب وتحريم البنت ثبت بالتنبيه فانه اذا حرمت الأخت فالبنت أولى وسائر المحرمات ثبت تحريمهن فى السنة وتثبيت المحرمية لأنها فرع على التحريم اذا كان بسبب مباح أما بقية أحكام النسب من النفقة والعتق ورد الشهادة وغير ذلك فلا يتعلق به لأن النسب أقوى منه فلا يقاس عليه فى جميع أحكامه وانما يشبه به فيما نص عليه فيه (٣).

والرضاع الذى لا يشك فى تحريمه أن يكون خمس رضعات فصاعدا وفى هذه المسألة مسألتان أحدهما أن الذى يتعلق به التحريم خمس رضعات فصاعدا هذا الصحيح فى المذهب وروى هذا عن عائشة وابن مسعود وابن الزبير وعطاء وطاووس وهو قول الشافعى وعن أحمد رواية ثانية هى أن قليل الرضاع وكثيره يحرم (٤).

واذا وقع الشك فى وجود الرضاع أو فى


(١) الأم للامام الشافعى ح‍ ٥ ص ٣٠، ٣١ الطبعة السابقة.
(٢) الآية رقم ٢٣ من سورة النساء.
(٣) المغنى ح‍ ٩ ص ١٩١، ١٩٢.
(٤) نفس المرجع ح‍ ٩ ص ١٩٢.