للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النكاح الفاسد ولا يلزم الوكيل شئ من الصداق لتعلق حقوق العقد بالموكل هذا إن لم يضمنه فإن ضمنه فلها الرجوع عليه بنصفه لضمانه عنه. ولو مات أحدهما لم يرثه الآخر لأنه لم يثبت نكاحها فترثه وهو منكر إنها زوجته فلا يرثها فإن ادعت النكاح المرأة فأنكره المدعى عليه حلف المدعى عليه وبرئ لأن الأصل عدمه وإنما حلف لأنها تدعى الصداق في ذمته وهو يذكره ولو ادعى إنسان أن فلانا الغائب وكله في تزويج امرأة فتزوجها له ثم مات الغائب لم ترث الغائب المرأة لعدم تحقق صحة النكاح إذ لا يقبل قوله أنه وكله إلا بتصديق الورثة أو إلا أن يثبت ببينة أنه وكله فترثه وإن أقر الموكل بالتوكيل في التزويج وأنكر الموكل أن يكون الوكيل تزوج له فالقول قول الوكيل فيثبت التزويج لأنه مأذون له أمين قادر على الإنشاء وهو أعرف. وإن وكله أن يتزوج له امرأة فتزوج الوكيل له غيرها لم يصح العقد للمخالفة أو تزوج إنسان له أي لآخر بغير إذنه فالعقد فاسد لو أجازه المعقود له كبيع الفضولى.

[مذهب الظاهرية]

جاء فى المحلى لابن حزم الظاهرى: (١) لا يحل للوكيل تعدى ما أمره به موكله فإن فعل لم ينفذ فعله فإن فات ضمن لقول الله تعالى: (٢) {ولا تعتدوا إنه لا يحب المعتدين} ولقوله تعالى: {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم} (٣) فوجب من هذا أن من أمره موكله بأن يبتاع له شيئا بثمن مسمى أو يبيعه له بثمن مسمى فباعه أو ابتاعه بأكثر أو بأقل ولو بفلس فما زاد لم يلزم الموكل ولم يكن البيع له أصلا ولم ينفذ البيع لأنه لم يؤمر بذلك فلو وكله على أن يبيع له أو يبتاع له فإن ابتاع له بما يساوى أو باع بذلك لزم وإلا فهو مردود وكذلك من ابتاع لآخر أو باع له بغير أن يأمره لم يلزم في البيع أصلا ولا جاز للآخر إمضاؤه لأنه إمضاء باطل لا يجوز وكان الشراء لازما للوكيل وما عدا هذا فقول بلا برهان.

[مذهب الزيدية]

جاء في شرح الأزهار: (٤) لو اشترى الوكيل من يعتق عليه أو على الأصل المطلق أو هو أن يأمره الموكل بشراء عبد أو أمة وأطلق ولم يقل لاستخدمه أو نحو ذلك فاشترى أباه أو أخاه أو أي أرحامه المحارم أو اشترى رحما للموكل صح الشراء وعتق ذلك الرق وإذا عتق فهل يضمن الوكيل للموكل قيمة ذلك الذي عتق في الضمان تردد قال في الكافى لا يضمن شيئا وعن المنصور بالله يضمن مع العلم قال مولانا المهدى عليه السلام. ولعل هذا حيث اشترى من يعتق على الموكل وأما إذا اشترى من يعتق عليه فالأقرب أنهم يتفقون على تضمينه والله أعلم. وما لزمه كثمن المشترى أو تلف في يده نحو أن يأمره بشراء شئ ويعطيه ثمنه فيتلف الثمن في يده وقد اشترى ذلك الشئ فعلى الأصل غرامة ذلك الثمن الذي تلف في يده لأنه أمين ولذلك لو كان


(١) المحلى للإمام أبي محمد على بن أحمد بن سعيد بن حزم جـ ٨ ص ٢٤٥ مسألة رقم ١٦٦٤ طبعة إدارة الطباعة المنيرية بمصر طبعة أولى.
(٢) الآية ١٩٠ سورة البقرة.
(٣) آية ١٩٤ سورة البقرة.
(٤) شرح الأزهار جـ ٤ ص، ص ٢٤٨، ص ٢٤٩.