للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جاز الا أن يكون ذلك عن شارطة فقال اقضيك صحيحا بشرط‍ أنى اخذ منك بنصفه الباقى قميصا فانه لا يجوز لانه لم يدفع اليه صحيحا الا ليعطيه بالنصف الباقى فضل ما بين الصحيح والمكسور من النصف المقضى ولو لم يكن شرط‍ جاز. فان ترك النصف الاخر عنده وديعة جاز وكانا شريكين فيه وان اتفقا على كسره كسراه فان اختلفا لم يجبر احدهما على كسره لانه ينقص قيمته (١). ولو كان ما اقرضه موجودا بعينه فرده من غير عيب يحدث فيه لزم أن يقبله سواء تغير سعره او لم يتغير أما ان حدث به عيب فانه لا يلزمه ان يقبله.

وان كان القرض فلوسا أو مكسرة فحرمها السلطان، وتركت المعاملة بها كان للمقرض قيمتها، ولم يلزمه ان يقبلها سواء كانت قائمة فى يده او استهلكها لانها تعيبت فى ملكه نص على ذلك الامام احمد رحمه الله تعالى فى الدراهم المكسرة وقال يقومها: كم تساوى يوم أخذها ثم يعطيه وسواء نقصت قيمتها قليلا أو كثيرا قال القاضى: هذا اذا اتفق الناس على تركها فأما ان تعاملوا بها مع تحريم السلطان لها لزمه ان يأخذها، واما رخص السعر فلا يمنع ردها سواء كان كثيرا - مثل ان كانت عشرة بدانق فصارت عشرين بدانق أو قليلا لانه لم يحدث فيها شئ انما الذى حدث هو تغيير السعر فأشبه الحنطة اذا رخصت أو غلت (٢) واذا أقرضه ما لحمله مؤنة ثم طالبه بمثله فى بلد اخر لم يلزمه ذلك لانه لا يلزمه ان يحمله له الى ذلك البلد. فان طالبه بالقيمة لزمه لانه لا مؤنة لحملها فان تبرع المستقرض بدفع المثل وأبى المقرض ان يقبله فله ذلك، لان عليه ضررا فى قبضه لانه ربما احتاج الى حمله الى المكان الذى اقرضه فيه وله أن يطالبه بقيمة ذلك فى البلد الذى اقرضه فيه، لان المكان الذى يجب عليه أن يسلم فيه وان كان القرض أثمانا أو مالا مؤنة فى حمله وطالبه بها وهما فى بلد آخر لزمه أن يدفعه اليه لان تسليمه اليه فى هذا البلد وغيره واحد (٣) وان اقرض ذمى ذميا خمرا ثم أسلما أو أسلم أحدهما بطل القرض ولم يجب على المقترض شئ سواء كان هو المسلم أو الآخر لانه اذا أسلم لم يجز أن يجب عليه خمر لعدم ماليتها ولا يجب بدل الخمر، لانها لا قيمة لها، ولذلك لا يضمنها اذا أتلفها وان كان المسلم الآخر لم يجب له شئ لذلك (٤).

[مذهب الظاهرية]

جاء فى المحلى ان المقترض ان تطوع عند قضاء ما عليه بأن يعطى أكثر مما أخذ أو أقل مما أخذ أو أجود مما أخذ أو أدنى مما أخذ فكل ذلك حسن مستحب والذى يعطى أكثر مما أقرض أو أجود مما اقترض مأجور، والذى يقبل أدنى مما أعطى أو أقل مما أعطى مأجور وسواء كان ذلك عادة أو لم يكن عادة ما لم يكن عن شرط‍ وكذا ان قضاه فى بلد آخر ولا فرق فهو حسن ما لم يكن عن شرط‍ لما روينا من طريق البخارى وموسى بن معاوية باسناده عن جابر بن عبد الله رضى الله تعالى عنهم قال:


(١) المرجع السابق لابن قدامة المقدسى ج ٤ ص ٣٢٣ الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق لابن قدامة المقدسى ج ٤ ص ٣٢٤، ص ٣٢٥ الطبعة السابقة.
(٣) المرجع السابق لابن قدامة المقدسى ج ٤ ص ٣٢٥ الطبعة السابقة.
(٤) المرجع السابق لابن قدامة المقدسى ج ٤ ص ٣٢٥ الطبعة السابقة.