جاء فى بدائع الصنائع: ان من شروط الموصى له أن لا يكون مجهولا جهالة لا يمكن ازالتها، فان كان لم تجز الوصية له، لأن الجهالة التى لا يمكن استدراكها تمنع من تسليم الموصى به الى الموصى له فلا تفيد الوصية.
وعلى هذا يخرج ما اذا أوصى بثلث ماله لرجل من الناس فانه لا يصح بلا خلاف.
ولو أوصى لأحد هذين الرجلين يصح فى قول أبى يوسف ومحمد رضى الله تعالى عنهما.
غير أن عند أبى يوسف رحمه الله تعالى الوصية تكون بينهما نصفين.
وعند محمد رحمه الله تعالى الخيار الى الوارث يعطى أيهما شاء.
وجه قول محمد أن الايجاب وقع صحيحا لأن أحدهما وان كان مجهولا لكن هذه الجهالة تمكن ازالتها ألا ترى أن الموصى لو عين أحدهما حال حياته لتعين.
ثم أن محمدا يقول لما مات عجز عن التعيين بنفسه فيقوم وارثه مقامه فى التعيين.
وأبو يوسف يقول لما مات قبل التعيين شاعت الوصية لهما وليس أحدهما بأولى من الآخر كمن أعتق أحد عبدين ثم مات قبل البيان فان العتق يشيع فيهما جميعا فيعتق من كل واحد منهما نصفه كذا ههنا يكون لكل واحد منهما نصف الوصية.
أما فى قول أبى حنيفة رضى الله تعالى عنه فلا يصح، لأن الوصية تمليك عند الموت فتستدعى كون الموصى له معلوما عند الموت، والموصى له عند الموت مجهول فلم تصح الوصية من الأصل كما لو أوصى لواحد من الناس فلا يمكن القول بالشيوع ولا يقام الوارث مقام الموصى فى البيان، لأن ذلك حكم الايجاب الصحيح ولم يصح الا أن الموصى لو بين الوصية فى أحدهما حال حياته صحت لأن البيان انشاء الوصية لأحدهما فكان وصية مستأنفة لأحدهما عينا وانها صحيحة.
وعلى هذا يخرج الوصية لقوم لا يحصون أنها باطلة اذا لم يكن فى اللفظ ما ينبئ عن الحاجة وان كان فيه ما ينبئ عن الحاجة فالوصية جائزة لأنهم اذا كانوا لا يحصون ولم يذكر فى اللفظ ما يدل على الحاجة وقعت الوصية تمليكا منهم وهم مجهولون والتمليك من المجهول جهالة لا يمكن ازالتها لا يصح وأن كان فى اللفظ ما يدل على الحاجة كان وصيته بالصدقة وهى اخراج المال الى الله سبحانه