للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الاكراه فى الايمان]

[مذهب الحنفية]

يصح يمين المكره سواء كان اليمين على طاعته كصدقة أو صيام أو معصية لأن اليمين لا يعمل فيها الاكراه لأنها لا تحتمل الفسخ فيستوى فيها الجد والهزل (١). والأصل فى اعتبار يمين المكره حديث حذيفة رضى الله عنه حين أخذه المشركون واستحلفوه على أن لا ينصر رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزوة فحلف مكرها. ثم أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم فقال عليه السّلام: (أوف لهم بعهدهم ونحن نستعين بالله عليهم). ولا ضمان على المكره بالكسر لما تقدم فى النذر (٢). ولو اكره على الحلف فحنث لزمته الكفارة كذلك لو اكره على الحنث بان فعل ما حلف عليه مكرها لأن الفعل شرط‍ الحنث وهو سبب الكفارة والفعل الحقيقى لا ينعدم بالاكراه فاذا لم يصدر منه كما لو حلف ان لا يشرب فصب الماء فى حلقه مكرها لم يحنث (٣). ولو حلف لا يخرج من المسجد فحمل مكرها الى خارج المسجد لم يحنث بخلاف ما اذا توعده شخص حاملا له على الخروج. فخرج بنفسه حنث لما عرف ان الاكراه لا يعدم الفعل عند الحنفية (٤).

[مذهب المالكية]

من اكره على الحلف على طاعة سواء كانت تلك الطاعة تركا أو فعلا فهل تلزمه تلك اليمين أو لا تلزمه قولان. الأول منهما قول مطرف وابن حبيب. والثانى قول أصبع وابن الماجشون والظاهر منهما الثانى. ولو أكره على يمين متعلقة بمعصية. كأن اكره على أن يحلف ليشربن الخمر - أو بمباح - كمن اكره على الحلف ليدخلن الدار لم تلزمه اليمين اتفاقا.

أى لا يلزمه فعل المعصية أو المباح. ولا يحنث بعدم فعلهما (٥). واذا اكره الحالف على الحنث ببر كقوله والله لا دخلت الدار فأدخلها كرها. فلا كفارة عليه بقيود ستة.

١ - ان لا يعلم بأنه سيكره على الفعل.

٢ - ان لا يأمر غيره باكراهه له.

٣ - ان لا يكون الاكراه شرعيا. فان كان شرعيا حنث لأن الاكراه الشرعى كالتطوع كقوله والله لا دخلت السجن ثم حبس فيه لدعوى توجهت عليه. وكحلفه أن لا يدفع ما عليه من الدين فى هذا الشهر. فاكرهه القاضى على الدفع لكونه موسرا.

٤ - ان لا يفعل ذلك طوعا بعد زوال الاكراه.

٥ - أن لا يكون الحالف على شخص بأنه لا يفعل كذا هو المكره له على فعله فان أكرهه كما لو حلف زيد على عمرو أنه لا يدخل الدار ثم أكرهه على دخولها حنث الحالف بدخولها على وجه الاكراه وقيل لا يحنث والقولان ذكرهما ابن عرفة.


(١) رد المحتار على الدر المختار ج‍ ٥ ص ١١٨.
ص ٣٧٠.
(٢) المبسوط‍ للسرخسى ج‍ ٢٤ ص ١٠٥.
(٣) رد المحتار على الدر المختار ج‍ ٣ ص ٦٧.
(٤) رد المحتار على الدر المختار ج‍ ٣ ص ١٠٨
(٥) حاشية الدسوقى على الشرح ج‍ ٢ ص ٣٧٠.