للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سادسا - حكم الاغاثة فى حالة الاضطرار]

جاء فى المغنى (١): ان صاحب الطعام اذا لم يكن مضطرا اليه لزمه بذله للمضطر لأنه يتعلق به احياء نفس آدمى معصوم فلزمه بذله له كما يلزمه انجاؤه من الغرق والحريق فان لم يفعل فللمضطر أخذه منه لأنه مستحق له دون مالكه فجاز له أخذه كغير ماله.

فان احتيج فى ذلك الى قتال فله المقاتلة عليه.

فان قتل المضطر فهو شهيد وعلى قاتله ضمانه.

وأن آل أخذه الى قتل صاحبه فهو هدر لأنه ظالم بقتاله فأشبه الصائل الا أن يمكن أخذه بشراء أو استرضاء فليس له المقاتلة عليه لامكان الوصول اليه دونها.

فان لم يبعه الا بأكثر من ثمن مثله فذكر القاضى أن له قتاله.

والأولى أن لا يجوز له ذلك لامكان الوصول اليه بدونها.

وان اشتراه بأكثر من ثمن مثله لم يلزمه الا ثمن مثله لأنه صار مستحقا له بقيمته ويلزمه عوضه فى كل موضع أخذه فان كان معه فى الحال والا لزمه فى ذمته.

ولا يباح للمضطر من مال أخيه الا ما يباح من الميتة.

قال أبو هريرة يا رسول الله ما يحل لأحدنا من مال أخيه اذا اضطر اليه قال «يأكل ولا يحمل ويشرب ولا يحمل».

ثم قال واذا اشتدت المخمصة فى سنة المجاعة وأصابت الضرورة خلقا كثيرا وكان عند بعض الناس قدر كفايته وكفاية عياله لم يلزمه للمضطرين وليس لهم أخذه منه لأن ذلك يفضى الى وقوع الضرورة به ولا يدفعها عنهم.

وكذلك ان كانوا فى سفر ومعه قدر كفايته من غير فضله فلم يلزمه بذل ما معه للمضطرين ولم يفرق أصحابنا بين هذه الحال وبين كونه لا يتضرر بدفع ما معه اليهم فى ان ذلك واجب عليه لكونه غير مضطر فى الحال والآخر مضطر فوجب تقديم حاجة المضطر.

ولنا أن هذا مفض به الى هلاك نفسه وهلاك عياله فلم يلزمه كما لو أمكنه انجاء الغريق بتغريق نفسه ولأن فى بذله القاء بيده الى التهلكة وقد نهى الله عن ذلك.

[مذهب الظاهرية]

أولا - حكم خروج المعتكف من المسجد

لاغاثة غيره:

جاء فى المحلى لابن حزم الظاهرى (٢): كل فرض على المسلم فان الاعتكاف لا يمنع منه وعليه أن يخرج اليه ولا يضر ذلك باعتكافه.

وانما يبطل الاعتكاف خروجه لما ليس فرضا عليه.

وقد افترض الله على المسلم ما رويناه من طريق البخارى أن أبا هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام وعيادة المريض واتباع الجنائز واجابة الدعوة وتشميت العاطس.

وقال تعالى: {وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا}.

وقال تعالى (٣): {اِنْفِرُوا خِفافاً وَثِقالاً}.


(١) المغنى لابن قدامة المقدسى والشرح الكبير ج‍ ١١ ص ٨٠ - ٨١ وما بعدها.
(٢) المحلى لأبن حزم الظاهرى ج‍ ٥ ص ١٨٨ مسألة رقم ٦٢٨ ادارة الطباعة المنيرية سنة ١٣٤٦ هـ‍.
(٣) الآية رقم ٤١ من سوره التوبه.