للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الإنكار في الرضاع]

[مذهب الحنفية]

جاء في (المبسوط): وإذا أقر الرجل أن هذه المرأة أخته أو أمه أو ابنته من الرضاعة ثم أراد بعد ذلك أن يتزوجها.

وقال: أوهمت أو أخطأت أو نسيت وصدقته المرأة فهما مصدقان على ذلك، وله أن يتزوجها وإن ثبت على قوله الأول وقال: هو حق كما قلت ثم تزوجها فرق بينهما ولا مهر لها عليه إن لم يكن دخل بها وهذا استحسان، وفى القياس الجواب في الفصلين سواء؛ لأنه أقر بأنها محرمة عليه على التأبيد والمقر به يجعل في حق المقر كالثابت بالبينة أو بالمعاينة، والرجوع عن الإقرار باطل؛ لأنه ملزم بنفسه فسواء رجع أو ثبت كان النكاح باطلا بزعمه فيفرق بينهما، ولا مهر لها عليه.

وإن أقرت المرأة بذلك وأنكر الزوج ثم أكذبت المرأة نفسها وقالت: أخطأت؛ فالنكاح جائز، وكذلك لو تزوجها قبل أن تكذب نفسها فالنكاح جائز، ولا تصدق المرأة على قولها؛ لأن حقيقة المحرمية لا تثبت بالإقرار فإنه خبر محتمل متمثل بين الصدق والكذب، ولكن الثابت على الإقرار كالمجدد له بعد العقد، وإقرارها بالمحرمية بعد العقد، باطل فكذلك إقرارها به قبل العقد.

ولو تزوج امرأة ثم قال لها بعد النكاح: هي أختى أو ابنتى أو أمى من الرضاعة، ثم قال: أخطأت أو أوهمت فالنكاح باقٍ استحسابًا، ولو ثبت على هذا النطق وقال: هو حق فشهدت عليه الشهود بذلك فرق بينهما، ولو جحد ذلك لم ينفعه جحوده؛ لأن إقراره إنما كان موجبًا للفرقة بشرط الثبات عليه، فإن قال: أوهمت فقد انعدم ما هو شرطه فلا يوجب الفرقة، وإذا ثبت على ذلك وجد ما هو شرط الإقرار فثبت حكمه وهو الفرقة ثم لا ينفعه جحوده بعد ذلك (١).

[مذهب المالكية]

جاء في (الشرح الكبير): وإن ادعاه الزوج - أي ادعى الرضاع بعد العقد وقبل البناء - فأنكرت أخذ بإقراره فيفسخ نكاحه ولها النصف؛ لأنه يتهم على أنه أقر ليفسخ بلا شئ، وإن ادعته فأنكر لم يندفع النكاح عنها بالفسخ لاتهامها على قصد فراقه ولا تقدر على طلب المهر قبله أي قبل الدخول؛ أي لا تمكن من طلب ذلك، وإن طلقت قبل الدخول فلا شئ لها لإقرارها بفساد العقد وظاهره ولو بالموت، وهو ظاهر (٢).

[مذهب الشافعية]

جاء في (تحفة المحتاج): إن ادعى الزوج رضاعًا محرمًا فأنكرت الزوجة انفسخ لإقراره ولها المسمى إن صح وإلا فمهر المثل إن وطئ وإلا يطأ فنصفه؛ لأن الفرقة منه ولا يقبل قوله عليها فيه، نعم له تحليفها قبل وطء وكذا بعده إن زاد المسمى على مهر المثل، فإن نكلت حلف ولزمه مهر المثل بعد الوطء ولم يلزمه شئ قبله، هذا في غير مفوضة رشيدة، أما هي فليس لها إلا المتعة على ما حكى عن نص (الأم)، وإن ادعته - أي الزوجة - الرضاع المحرم فأنكره الزوج صدق


(١) المبسوط: ٤/ ٧٩ وما بعدها، بتصرف.
(٢) حاشية الدسوقى: ٢/ ٥٠٠.