الفيئ والصدقات وخمس الغنائم وكذلك الخراج والجزية وعشور التجارة والعشر ونصف العشر والأموال التي ليس لها مالك كالتركات التي لا وارث لها والغصوب والودائع التي تعذر معرفة أصحابها عقارا كان أم منقولا.
فأما الفيئ فمن حقوق بيت المال لأن مصرفه موقوف على رأى الإمام (١). أما الغنيمة فيما عدا الخمس فليست من حقوق بيت المال لأنها مستحقة للغانمين الذين تعينوا بحضورهم الواقعة ولا يتوقف مصرفها واستحقاقها على رأى الإِمام ولا على اجتهاد له في مغنمهم منها فلم تصر لذلك من حقوق بيت المال إلا في الأراضين. فقد حكى فيها روايتان إحداهما أنه لا رأى له فيها كغيرها من الأموال والثانية أن له رأيا في وقفها أو قسمتها وأرجع في ذلك إلى مصطلح غنيمة ويلاحظ أن ما يؤخذ من الغنيمة من الخمس الواجب فيها فإنه ينقسم ثلاثة أقسام قسم منه يعد من حقوق بيت المال وهو سهم الرسول الواجب صرفه في المصالح العامة لوقوف مصرفه على رأى الإمام واجتهاده وقسم منه ليس من حقوق بيت المال وهو سهم ذوي القربى يتعين مالكه وخروجه بذلك عن حقوق بيت المال ولذلك خرج عن اجتهاد الإمام ورأيه وقسم منه يكون بيت المال فيه حافظا له على أهله وهو سهم اليتامى والمساكين وابن السبيل إن وجدوا دفع إليهم وإن فقدوا أحرز لهم وأرجع إلى مصطلح فيئ (المرجع السابق).
وأما الصدقة وهى الزكاة فضربان صدقة المال الباطن وصدقة المال الظاهر، فأما صدقة المال الباطن فلا تعد من حقوق بيت المال لجواز أن ينفرد أربابه بإخراجها وتقسيمها في أهلها وأما صدقة المال الظاهر كأعشار الزروع والثمار وزكاة المواشى فقد ذهب أحمد إلى أن هذا النوع ليس من حقوق بيت المال أيضا لأن الجهات معنية لا يجوز صرفه في غير جهاته برأى الإمام ولا هو محل لإحراز بيت المال عند تعذر جهاته ولذا لا يجب دفعه إلى الإمام وإن جاز أن يدفع إليه.
ونقل عن بعض العلماء كجعفر بن محمد ما يفيد أن هذا النوع من حقوق بيت المال وذهب أبو حنيفة إلى أن هذا النوع من حقوق بيت المال أيضا لأن للإمام رأيا في صرفه في أهله وعند الشافعي ليس من حقوق بيت المال لأنه ليس لجهات عنده لا يجوز صرفة في غيرها ولكن اختلف قوله هل يكون بيت المال محلا لإِحرازه عند تعذر جهاته أم لا فذهب في القديم إلى أنه إذا تعذرت الجهات كان بيت المال محلا لإحرازه إلى أن توجد لأنه كان يرى وجوب دفعه إلى الإمام وذهب في الجديد إلى أن بيت المال ليس محلا لإحرازه استحقاقا لأنه لا يرى فيه وجوب دفعه إلى الإِمام وإن جاز أن يدفع إليه فلذلك لم يكن إحرازه مستحقا لبيت المال وإن جاز إحرازه فيه. (أرجع إلى مصطلح زكاة). أما ما كان مستحقا على بيت المال من أموال فنوعان: أحدهما ما كان بيت المال حرزا له واستحقاقه عندئذ معتبر بوجود أهله وجهاته فإن كان المال موجودا فيه كان صرفه في جهاته مستحقا لهم وإن كان غير موجود فيه لم يكن لجهاته استحقاق في بيت المال؛ والنوع الثاني أن يكون بيت المال له مستحقا وذلك على ضربين: أحدهما أن يكون
(١) الخراج لأبى يوسف ص ٢٣ وما بعدها، الأبدال لأبى عبيد ص ٤٦ وما بعدها.