للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجاء فى الشرح الكبير للدردير: ولا يجبر مؤجر كمالك دار على اصلاح احتاجت اليه الدار سواء أضر تركه بالساكن أم لا حدث بعد العقد أم لا وانما يكون للساكن الخيار وهو مذهب ابن القاسم ولو أنفق المستأجر فى ذلك حمل على التبرع واذا انقضت المدة خير المالك فى دفع قيمته منقوضا أو أمره بنقضه وهذا بخلاف ما لو تم ذلك بأذنه فيأخذه بقيمته قائما ان لم يقل فى اذنه ما صرفته عليه فعلى فيأخذ ما صرف عليه (١).

[كيف ينتفع المستأجر]

يجب أن يكون انتفاع المستأجر على وفق ما بين فى العقد وتم الاتفاق عليه فيه مع مراعاة العرف لأن الأمر المعروف كالمشروط‍ ويلاحظ‍ أن الرضا بما تم عليه العقد يعد رضا بما هو مثله وما هو خير منه وأقل ضررا بالعين المستأجرة وأن الاذن بالشئ اذن بما هو مثله أو دونه وهذا محل اتفاق بين المذاهب فى الجملة وبيان الحكم فى ذلك على التفصيل فيما يلى:

[مذهب الحنفية]

يرى الحنفية أن خلاف ما دل عليه العقد غير جائز وهو سبب لوجوب الضمان لأن مباشرته تعد غصبا وهو اما فى الجنس واما فى القدر واما فى الصفة واما فى المكان واما فى الزمان والخلاف من هذه الوجوه قد يكون فى استئجار الدواب وقد يكون فى استئجار العمال كالحائك والصباغ والخياط‍ ما عدا المكان فان الخلاف فيه بالنسبة اليه لا يعد خلافا معتبرا. أما استئجار الدواب فالمعتبر فيه الخلاف فى الجنس والقدر والصفة فان كان الخلاف فى الجنس وكان ضرر الدابة فيه بالخفة والثقل اعتبر هذا الخلاف فاذا أدى الى ضرر أكثر ضمن القيمة اذا عطبت الدابة لأنه يصير غاصبا لها وان أدى الى ضرر مثل الضرر الأول أو دونه لم يضمن لأن الاذن بالشئ اذن بما هو مثله أو دونه فكان مأذونا بهذا الانتفاع دلالة.

أما ان كان ضرر الدابة الناشئ عن الخلاف من وجه آخر كالخلاف فى القدر اعتبر هذا الخلاف من حيث الزيادة والنقص والجنس والثقل وأسس ضمانه على ذلك فاذا استأجر دابة لحمل عشرة أرادب من الشعير فحمل عليها عشرة أرادب من الحنطة فعطبت ضمن قيمتها لأن الحنطة أثقل من الشعير وهى من جنس آخر فلم يكن مأذونا فى ذلك أصلا وصار بذلك متعديا فيضمن كل قيمتها ولا أجر عليه لأن الأجر مع الضمان لا يجتمعان وبالعكس لا يضمن لما هو ظاهر من خفة الشعير وثقل الحنطة وقد استثنوا من عدم اجتماع الأجر والضمان مال اليتيم والمال الموقوف والمعد للاستغلال واذا استأجرها ليحمل عليها اردبين من الحنطة فحمل عليها مكيلا آخر ثقله كثقل الحنطة وضرره كضررها فعطبت لم يضمن لتساوى الوزن وتماثل الجنس واذا استأجر أرضا ليزرع فيها نوعا سماه فزرع غيره مساويا له فى الضرر بالأرض لم يضمن وهذا كله استحسان وهو قول أصحابنا الثلاثة والقياس ضمانه وهو قول زفر لأنه بالخلاف خرج عن الاذن فتحقق الغصب ووجه قول


(١) ج‍ ٤ ص ٥٤.