للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأئمة أن الخلاف الى المثل أو الى ما هو أدنى ضررا ليس خلافا معنى لأن الرضا بالشئ رضا بما هو مثله أو دونه ولو استأجر الدابة ليحمل عليها عشرة أرادب حنطة فحمل عليها اثنى عشر وسلمت فعليه ما سمى من الأجر ولا ضمان عليه وان عطبت ضمن جزأين من اثنى عشر جزءا من قيمة الدابة وهو قول عامة العلماء وقال زفر وابن أبى ليلى يضمن القيمة كلها لأن التلف حصل بالزيادة وهو فيها مخالف ووجه قول الأئمة أن التلف نتيجة الثقل وبعضه مأذون فيه وبعضه غير مأذون فيه فوجب قسمة القيمة على هذه النسبة ولو استأجر دابة ليحمل عليها مائة رطل من قطن فحمل عليها مثل وزنه حديدا أو أقل من ذلك فعطبت الدابة يضمن قيمتها لأن ما يصيب الدابة هاهنا من الضرر ليس بسبب الثقل بل بسبب الانبساط‍ والاجتماع فالقطن ينبسط‍ على ظهر الدابة والحديد لا ينبسط‍ فكان الضرر به أشد فوجب الضمان ولو استأجرها ليركبها فحمل عليها أو ستأجرها ليحمل عليها فركبها حتى عطبت ضمن لأن الجنس قد اختلف وقد يكون الضرر فى أحدهما أكثر ولو استأجرها ليركبها فأركبها من هو مثله فى الثقل أو أخف منه ضمن لأن الخلاف هاهنا ليس من وجهة الخفة والثقل بل من حيث الحذق والعلم فان خفيف البدن اذا لم يحسن الركوب يضر بالدابة والثقيل الذى يحسن الركوب لا يضر بالدابة والثقيل الذى يحسن الركوب لا يضر بها فاذا عطبت علم أن التلف حصل من عدم حذقه بالركوب فضمن ولا أجر عليه لما قلنا .. ولو استأجرها ليركبها بنفسه فأركب معه غيره فعطبت فهو ضامن لنصف قمتها ولا يعتبر الثقل ها هنا لأن تلف الدابة ليس من ثقل الراكب بل من قلة معرفته بالركوب فصار تلفها بركوبها بمنزلة تلفها بجراحتها وركوب أحدهما مأذون فيه وركوب الآخر غير مأذون فيه فيضمن نصف قيمتها. وعليه الأجر لأنه استوفى المعقود عليه وزيادة على ذلك وهو اركاب غيره غير أن الزيادة استوفيت من غير عقد فلا يجب بها أجر وهذا اذا كانت الدابة تطيق اثنين فان كانت لا تطيقهما فعليه جميع قيمتها لأنه أتلفها باركاب غيره وأما الخلاف فى المكان فنحو أن يستأجر دابة للركوب أو للحمل الى مكان معلوم فيجاوزه وحكمه أنه بمجاوزته دخلت الدابة فى ضمانه حتى لو عطبت قبل العود الى المكان المأذون فيه ضمن كل القيمة ولو عاد الى المكان المأذون فيه وهى سليمة هل يبرأ عن الضمان ويعود الى الوفاق؟ كان أبو حنيفة أولا يقول يبرأ ويعود الى الوفاق كالمودع اذا خالف ثم عاد الى الوفاق وهو قول زفر ثم رجع أبو حنيفة عن ذلك وقال لا يبرأ حتى يسلمها الى صاحبها سليمة كالعارية بخلاف الوديعة. واذا استأجرها ليركبها الى مكان عينه فركبها الى مكان آخر ضمن اذا هلكت وان كان الثانى أقرب من الأول لأنه صار مخالفا لاختلاف الطرق فكان بمنزلة اختلاف الجنس ولا أجر عليه لما قلنا ولو ركبها الى ذلك المكان الذى عينه من طريق آخر فان كان الناس يسلكونه لا يضمن لأنه لا يصير بذلك مخالفا لاعتياد الناس سلوكه وان كانوا لا يسلكونه ضمن اذا هلكت لصيرورته غاصبا بسلوكه واذا لم تهلك وبلغ الموضع المعلوم ثم رجع وسلم الدابة الى صاحبها فعليه الأجر.