للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر الإمام السرخسى: أن الشرط‍ وإن نفيا كقوله إن لم أدخل الدار اليوم فامرأته كذا، فبرهنت على عدم الدخول اليوم يقبل .. لأن الغرض إثبات الجزاء، وقد علل صاحب الفتح قبول بينة الزوج على سكوت المرأة فى مجلس بلوغها النكاح بقوله: لأنها لم تقم على النفى بل على حالة وجودية فى مجلس يحاط‍ بطرفيه أو هو نفى يحيط‍ به الشاهد فيقبل.

وقد ذكرت هذه الفروع وغيرها فى جامع الفصولين، وذكر أن الشهادة فيها قبلت على النفى (١).

[مذهب المالكية]

وفى مذهب المالكية يقول صاحب التبصرة (٢): «قال القرافى: اشتهر على ألسنة الفقهاء أن الشهادة علي النفى غير مقبولة، وفيه تفصيل. فإن النفى قد يكون معلوما بالضرورة أو بالظن الغالب الناشئ عن الفحص، وقد يعرى عنهما.

فهذه ثلاثة أقسام:

الأول: تجوز الشهادة به اتفاقا كما لو شهد أنه ليس فى هذه البقعة التي بين يديه فرس ونحوه، فإنه يقطع بذلك، وكذلك يجوز أن يشهد أن زيدا لم يقتل عمرا بالأمس لأنه كان عنده فى البيت لم يفارقه، أو أنه لم يسافر لأنه رآه فى البلد فهذه شهادة صحيحة بالنفى.

الثانى: يجوز الشهادة بالنفى مستندا إلى الظن الغالب، ومن ذلك الشهادة على حصر الورثة وأنه ليس له وارث غير هذا، فمستند الشاهد الظن، وقد يكون له وأرث لم يطلع عليه، فهى شهادة على النفى مقبولة.

الثالث: ما عرى عنهما، مثل أن يشهد أن زيدا لم يوف الدين الذى عليه أو ما باع سلعته ونحو ذلك، فهذا نفى غير منضبط‍، وإنما تجوز الشهادة علي النفى المضبوط‍ قطعا أو ظنا.

[مذهب الشافعية]

وفى مذهب الشافعية: يقول الإمام الجلال السيوطى فى الأشباه والنظائر (٣):

«الشهادة على النفى لا تقبل إلا فى ثلاثة مواضع:

أحدها: الشهادة علي أنه لا مال له وهى شهادة الإعسار.

الثانى: الشهادة على أنه لا وارث له.

الثالث: «أن يضيفه إلى وقت مخصوص، كأن يدعى عليه بقتل أو اتلاف أو طلاق فى وقت كذا فيشهد له بأنه ما فعل ذلك فى هذا الوقت فإنها تقبل فى الأصح».

[مذهب الحنابلة]

وفى مذهب الحنابلة: أن الشهادة على النفى مقبولة إذا كان النفى مضبوطا ويحيط‍ به علم الشارع أو كان يستند الى علم أو دليل ظنى.


(١) التبصرة ج‍ ٢ ص ١٣ وما بعدها.
(٢) ابن عابدين ج‍ ٤ ص ٦٠٠ وجامع الفصولين ج‍ ١ ص ١٢٢ وما بعدها.
(٣) ص ٦٠٨ وما بعدها.