للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وطريق العلم لا يختلف فلا يلزمه اعادة النظر فيها.

ورد بأنه قد اجتهد فيها الاجتهاد الأول والأصل عدم أمر آخر يقتضى بطلان الاجتهاد الأول فيبقى عليه قال صاحب المنهاج.

ويؤيد ذلك ان من تحرى القبلة فى مسجد أو غيره فأداه تجزيه الى جهة أنه لا يلزمه اعادة التحرى لكل صلاة يؤديها فى ذلك المكان بل يكفيه التحرى الأول وهو نوع من الاجتهاد فيلزم مثله فى سائر الاجتهادات والله أعلم.

[هل الفتوى يلزم العمل بها]

قال ابن عابدين (١) فى حاشيته على البحر:

المفتى على مذهب اذا افتى يكون الشئ كذا على مذهب امام ليس له أن يقلد غيره ويفتى بخلافه لأنه محض تشه وقال أيضا أنه بالتزامه مذهب امام يكلف به ما لم يظهر له غيره والمقلد لا يظهر له. هـ‍. قلت وفى التحرير لابن الهمام مسألة لا يرجع فيما قلد فيه أى عمل به اتفاقا وهل يقلد غيره فى غيره المختار نعم للقطع بأنهم كانوا يستفتون مرة واحدا ومرة غيره غير ملتزمين مفتيا واحدا فلو التزم مذهبا معينا كأبى حنيفة والشافعى فهى يلزمه الاستمرار عليه.

فقيل نعم وقيل لا وقيل كمن لم يلتزم أن عمل بحكم تقليدا لا يرجع عنه وفى غيره له تقليد غيره وهو الغالب على الظن لعدم ما يوجبه شرعا ويتخرج منه جواز اتباعه للرخص.

ولا يمنع منه مانع شرعى اذ للانسان أن يسلك الأخف عليه اذا كان له اليه سبيل بأن لم يكن عمل بالآخر فيه، وفى فتح القدير:

قد استقر رأى الأصوليين على أن المفتى هو المجتهد وأما غير المجتهد فمن يحفظ‍ أقوال المجتهد فليس بمفت والواجب عليه اذا سئل ان يذكر قول المجتهد كأبى حنيفة على جهة الحكاية فعرف ان ما يكون فى زماننا من فتوى الموجودين ليس بفتوى بل هو نقل كلام المفتى ليأخذ به المستفتى وطريق نقله كذلك عن المجتهد أحد أمرين اما أن يكون له فيه سند اليه أو يأخذه من كتاب معروف تداولته الأيدى نحو كتب محمد بن الحسن ونحوها من التصانيف المشهورة للمجتهدين لأنه بمنزلة الخبر المتواتر عنهم أو المشهور هكذا.

ذكر الرازى فلو كان حافظا للأقاويل المختلفة للمجتهدين ولا يعرف الحجة ولا قدرة له على الاجتهاد للترجيح لا يقطع بقول منها يفتى به بل يحيكها للمستفتى فيختار المستفتى ما يقع فى قلبه أنه الأصوب ذكره فى بعض الجوامع وعندى انه لا يجب عليه حكاية كلها بل يكفيه أن يحكى قولا منها فان المقلد له أن يقلد أى مجتهد شاء فاذا ذكر أحدها فقلده حصل المقصود.

نعم لا يقطع عليه فيقول جواب مسألتك كذا بل يقول قال أبو حنيفة حكم هذا كذا نعم لو حكى الكل فالأخذ بما يقع فى قلبه أنه الأصوب أولى والعامى لا عبرة بما يقع فى قلبه من صواب الحكم وخطئه وعلى هذا اذا استفتى فقيهين أعنى مجتهدين فاختلفا عليه الأولى ان يأخذ بما يميل اليه قلبه منهما وعندى أنه لو أخذ بقول الذى لا يميل اليه قلبه جاز لأن ميله وعدمه سواء والواجب عليه تقليد مجتهد وقد فعل، وفى الدر المختار وحاشية ابن عابدين (٢) عليه: ان الأصح كما فى السراجية وغيرها ان يفتى بقول الامام على الاطلاق ثم بقول الثانى ثم بقول الثالث ثم بقول زفر والحسن بن زياد وصحح فى الحادى القدسى قوة المدرك وقال ابن عابدين: قد جعل


(١) رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار للعالم العلامة الشيخ محمد أمين الشهير بابن عابدين المعروف بحاشية بان عابدين الشرح المذكور ج‍ ٦ ص ٢٩ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٢) انظر كتاب رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار وحاشية ابن عابدين عليه ج‍ ١ ص ٥٠، ٥١، ٥٢ وما بعدها الطبعة السابقة.