للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا على بعضهم البعض سواء اتحدت مللهم أو اختلفت.

فلا تقبل شهادة النصرانى على النصرانى ولا على غيره من أهل الأديان الأخرى. وكذلك العكس. وذلك لاشتراط‍ الاسلام فى الشاهد من غير تفصيل بقول الله تعالى «وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ»}.

فقال «مِنْ رِجالِكُمْ» والخطاب فى الآية للمؤمنين وقال {(مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ)} والمرضى هو المسلم.

واشتراط‍ العدالة فيه بقوله سبحانه واشهدوا ذوى عدل منكم والكافر فاقد الأمرين ولأن المسلم الفاسق لا تقبل شهادته شرعا لفقدانه العدالة. والكافر شر من الفاسق وأضل سبيلا.

وأما قوله تعالى «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ» فقد نسخ حكمه بآية الدين «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى} - اذ قال فيها - {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ}.

فجعل من أوصاف الشاهدين أن يكونا من المؤمنين. وممن يرضاهم المؤمنون.

والكافر ليس كذلك.

[مذهب الشافعية]

وكذلك يقول الشافعية: ان شهادة غير المسلمين لا تقبل أصلا لا على المسلمين ولا على غير المسلمين فيما بينهم، لأن الشهادة عندهم فيها معنى الولاية لما فيها من الالزام بالحكم وبالتالى نفاذ القول على الغير. اذ الحكم يبنى على الشهادة وهو نافذ على المحكوم عليه.

ولا ولاية لغير المسلم على المسلم لقول الله تعالى «وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً» ولأن المسلم الفاسق لا تقبل شهادته شرعا لفقدانه العدالة المشروطة فى الشاهد بالنص «وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ» والكافر شر من الفاسق فلا تقبل شهادته أصلا.

وقالوا فى آية المائدة «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ» ان ذلك كان فى ابتداء الاسلام والمسلمون قلة بالمدينة ثم نسخ الحكم بآية الدين فى سورة البقرة اذ نص فيها على قوله «من رجالكم» وقوله ممن ترضون من الشهداء فلا تقبل شهادة غير المسلمين بحال (١).


(١) التحفة وحواشيها ج‍ ١٠ ص ٢١١ وتفسير القرطبى لآية المائدة ج‍ ٥.