للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثلاثة رحمهم الله تعالى ثم قال (١): ولو منعه العبد بعد ما أبرأه عن الدين حتى مات في يده ضمن قيمته لأنه كان أمينًا فيه فبالمنع بعد طلب الحق يصير غاصبًا كالمودع، ولو ارتهن المرأة رهنًا بصداقها وهو مسمى وقيمته مثله ثم أبرأته أو وهبته له ولم يقبضه حتى هلك عندها فلا ضمان عليها في الاستحسان وكذلك لو اختلعت منه قبل أن يدخل بها ثم لم يقبضه حتى مات لأن مقصود الزوج هو براءة ذمته عن الصداق بالخلع من غير أن يلزمه شئ آخر وقد حصل وكذلك لو طلقها قبل أن يدخل بها وقد أبرأته عن الصداق، ولو لم تبرئه من الصداق قبل الطلاق ولكن أبرأته من حقها قبل الطلاق أو لم تبرئه حتى هلك فلا ضمان عليها فيه أما إذا أبرأته فلحصول مقصود لقول الزوج وإذا لم تبرئه فقد حصل مقصود الزوج في النصف بالطلاق قبل الدخول وإنما بقى ضمان الرهن في النصف الذي هو حقها فبهلاك الرهن يصير مستوفيًا ذلك القدر خاصة فلهذا لا يلزمها رد شئ.

[مذهب المالكية]

جاء في بلغة السالك (٢) أن القول عند تنازع الراهن والمرتهن عند تنازعهما لطالب حوزه عند أمين لأن الراهن قد يكره وضعه عند المرتهن والمرتهن قد يكره وضعه عند خوف الضمان إذا تلف أو غير ولو اتفقا على وضعه عند أمين واختلفا في تعيينه نظر الحاكم في الأصلح منهما فيقدمه وإن سلمه الأمين لأحدهما بلا إذن من الآخر فأسلمه للراهن ضمن للمرتهن الدين أو القيمة أي قيمة الرهن أي الأقل منهما وإن سلمه الأمين للمرتهن وتلف عنده ضمنها أي القيمة للراهن أي تعلق بها ضمانها فإن كانت قدر الدين سقط الدين وبرئ الأمين وإن زادت على الدين ضمن الزيادة للراهن ورجع بها على المرتهن إلا أن تقوم بينة بضياعه بلا تفريط قال أبو الحسن لا فرق هنا بين ما يغاب عليه وما لا يغاب عليه لأن الأمين والمرتهن متعديان وجاء في موضع (٣) آخر وحد مرتهن وطئ أمة مرهونة عنده بلا إذن من راهنها في الوطء إذ لا شبهة له فيها وإلا بإذن أذن له راهنها في وطئها فلا يحد نظرا لقول عطاء بجواز إعارة الفروج فهو شبهة تدرأ الحد قال في المدونة لو اشترى المرتهن هذه الأمة وولدها لم يعتق الولد عليه لأنه لم يثبت نسبه له وهذا إذا لم يأذن له الراهن في الوطء إذ لو أذن فيه كانت به أم ولد ولذا قال وقومت الموطوءة بإذن عليه أي على المرتهن الواطئ بلا ولد حملت أم لا لأن حملها انعقد على الحرية بالإذن فلا قيمة له ويلزم الواطئ قيمتها للراهن وقد ملكها وأما الموطوءة بلا إذن فتقوم بولدها لأنه رقيق وتقويمها لأجل علم ما نقصها الوطء والحمل وترجع لربها مع ولدها للأمين الذي وضع الرهن تحت يده لبيعه أي الرهن في الدين إن أذن له في بيعه أي أذن له الراهن فيه ولو في عقد الرهن وسواء أذن له في بيعه قبل الأجل أو بعده


(١) المرجع السابق ج ٢ ص ٩٢.
(٢) بلغة السالك لأقرب المسالك للعالم العلامة الشيخ أحمد الصاوى على الشرح الصغير للقطب الشهير سيدى أحمد الدردير وبهامشه شرح القطب الشهير سيدى أحمد الدردير جـ ٢ من ١٠٧ طبع المطبعة الأميرية الكبرى بمصر.
(٣) المرجع السابق للصاوى جـ ٢ ص ١١١، ص ١١٢ الطبعة السابقة.