للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا اذا لم يبين للاجارة مدة اجمالية تنته بانتهائها أما اذا بين كأجرتك دارى عشر سنين على أن يكون كل شهر بكذا فانها تصح فى كل المدة.

واذا عجل المستأجر فى مثل هذه الأحوال أجرة مدتين أو أكثر كان ذلك التعجيل بيانا لمدة بقاء الاجارة لازمة فتلزم فى المدة التى عجلت عنها الأجرة، وعلى ذلك لا يصح استئجار عامل بدون ذكر بيان العمل الذى يطلب منه ولا بدون ذكر مدته اذا كان العمل من الأعمال التى تمتد، كما لا يصح استئجار مسكن أو أرض بلا بيان مدة الاجارة ولا استئجار دابة للركوب دون بيان مدة الركوب أو مسافته، وهكذا مما يتفرع على ما سبق بيانه (١).

واذا استأجر أجيرا ليعمل له عملا فقد قالوا ان كان العرف أن يكون العمل من طلوع الشمس الى العصر فهو على ذلك وان كان الى الغروب فهو على ذلك وعلى الجملة فان بيان ما يتعلق بالمدة من بداية وانتهاء خاصا بالعمل يرجع فيه الى العرف، واذا استأجر شخص رجلا للعمل عنده يومين فعمل فى اليوم الأول وامتنع من العمل فى اليوم الثانى أجبر عليه فان مضى اليوم الثانى لم يطلب منه أن يعمل لانتهاء الاجارة بانتهاء مدتها وله أجر مثل ما عمل (٢).

[الترديد فى المنفعة]

ومما يتصل بذلك أن يتضمن العقد ترديدا بين عينين أو ترديدا بين منفعتين، كما اذا قال أجرتك هذه الدار شهرا بكذا أو هذه الدار الأخرى شهرا بكذا أو أجرتك هذه الدابة لتركبها الى بلدة كذا بكذا أو الى بلدة كذا بكذا، والعقد فى هذه الأحوال جائز عند أبى حنيفة وصاحبيه، وكذلك الحكم اذا كان الترديد بين ثلاثة أمور قياسا على جواز ذلك فى البيع المشتمل على خيار التعيين لأن الاجارة معاوضة كالبيع فان ردد بين أربعة أمور فسد العقد.

وعلى هذا الحكم الترديد فى أنواع الخياطة وأنواع الصباغة ومثل ذلك فى الحكم ما اذا قال له ان خطت هذا الثوب فبدرهم وان خطت هذا الثوب الآخر فبدرهم والعمل فيهما سواء اذ أن مثل هذه الجهالة لا تؤدى الى المنازعة فالتخيير فى الواقع انما هو بين ايفاء منفعتين معلومتين فلا جهالة ولأن الأجر على أصل أصحابنا لا يجب الا بالعمل، وحين يأخذ فى أحد العملين تعين الأجر المستحق.

واذا أجره الحانوت على أنه ان جعله مكانا للحدادة فبعشرة دراهم، وان جعله لبيع الأقمشة فبخمسة دراهم. جاز فى قول أبى حنيفة وخالفه فى ذلك صاحباه.

وجه قولهما أن الأجر عند ذلك انما يجب بالتسليم وهو يتم بالتخلية وعندهما لا يدرى أى المنفعتين ستستوفى فكان البدل


(١) البدائع ج‍ ٤ ص ١٨٣ وما بعدها، والدر المختار وابن عابدين ج‍ ٥ ص ٦، ٧، ١٩، ٢٠، ٣٥.
(٢) الفتاوى الهندية ج‍ ٤ ص ٤١٦.