للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المقترض بغيره لم يلزم المقرض ان يقبله وان كان ما أتى به خيرا من المعين، وحينئذ يخير المقرض بين فسخ العقد وبين امضائه بلا كفيل ولا ضمين (١). وان قضى الضامن الدين أو أحال به متبرعا لم يرجع بشئ سواء ضمنه باذنه او بغير اذنه لأنه متطوع بذلك أشبه الصدقة. وان قضاه الضامن أو أحال به ناويا ان يرجع رجع على المضمون عنه لأنه قضاء مبرئ من دين واجب فكان من ضمان من هو عليه كالحاكم اذا قضاه عنه عند امتناعه فكان له ان يرجع عليه وسواء قبض الغريم من المحال عليه أو أبرأه أو تعذر عليه الاستيفاء لفلس أو مطل لأن نفس الحوالة كالاقباض ولو كان الضمان والقضاء بغير اذن المضمون عنه أو كان أحدهما بغير اذنه وان لم ينو الضامن حال القضاء أو الحوالة أن يرجع ولا ان يتبرع بل ذهل عن قصد الرجوع وعدمه لم يرجع الضامن على المضمون عنه بشئ كالمتبرع لعدم قصده الرجوع وكذلك حكم من ادى عن غيره دينا وأجبا كفيلا كان أو أجنبيا ان نوى الرجوع رجع ان لم ينو الرجوع لم يرجع ويرجع الضامن وكل من أدى عن غيره دينا واجبا بنية الرجوع حيث قلنا يرجع بأقل الأمرين مما قضى به الدين حتى قيمة عرض عوضه لرب الدين به أو قدر الدين لأنه ان كان الأقل هو الدين فالزائد لم يكن واجبا عليه فهو متبرع بأدائه وان كان المقضى أقل فهو انما يرجع بما عزم ولهذا لو أبراه غريمه لم يرجع بشئ. وللضامن ان يطالب المضمون عنه بتخليصه قبل الأداء اذا طولب بالدين ان كان ضمن باذنه لأنه شغل ذمته من أجله باذنه فلزمه تخليصها وان لم يطالب أو طولب أو كان ضمنه بغير اذنه فلا يلزمه تخليصه لأنه اذا لم يأذن له فهو الذى أدخل الضرر على نفسه وأن أذن له ولم يطالب به رب الحق فلا ضرر عليه يزيله (٢).

[مذهب الظاهرية]

جاء فى المحلى أن القرض يتعلق فى ذمة المقترض يلزمه أن يرد على المقرض مثله اما حالا واما الى أجل مسمى (٣). فلو قال الذى عليه الحق لشخص آخر: اضمن عنى ما لهذا على، فاذا أديت عنى فهو دين لك على فهنا يرجع عليه بما أدى عنه - ليس لأنه ضامن فالضامن لا يرجع على المضمون عنه بما أدى - لأنه استقرضه ما أدى عنه فهو قرض صحيح مضمون على المقترض (٤). ولا يجوز ضمان مال لم يجب بعد كمن قال لآخر: أنا أضمن لك ما تستقرضه من فلان أو قال له:

اقترض من فلان دينارا وأنا أضمنه عنك، أو شرط‍ ليس فى كتاب الله عز وجل فهو باطل ولأن الضمان عقد واجب ولا يجوز الواجب فى غير واجب وهو التزام ما لم يلزم بعد وهذا محال. وكل عقد لم يلزم حين التزامه فلا يجوز ان يلزم فى ثان وفى حين لم يلتزم فيه، وقد لا يقرضه ما قاله وقد يموت القائل لذلك قبل ان يقرضه ما أمره باقراضه، فصح بكل هذا أنه لا يلزم ذلك القول فان قال له: أقرضنى


(١) المرجع السابق ج ٢ ص ١٣٩ الطبعة السابقة.
(٢) كشاف القناع عن متن الاقناع ج ٢ ص ١٧٨ الطبعة السابقة.
(٣) المحلى لأبن حزم الظاهرى ج ٨ ص ٧ مسئلة رقم ١١٩٠ الطبعة السابقة.
(٤) المرجع السابق ج ٨ ص ١١٠ وما بعدها الى ص ١١٧ مسئلة رقم ٣٢٩ الطبعة السابقة.