للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الاستيفاء بالعفو لأنه اذا عفا فالظاهر أنه لا يطلب الثأر بعد العفو فلا يقصد قتل القاتل فلا يقصد القاتل قتله فيحصل معنى الحياة بدون الاستيفاء فيسقط‍ القصاص، وقد خفف الله سبحانه وتعالى على هذه الأمة فشرع العفو بلا بدل أصلا، والصلح ببدل سواء عفا عن الكل أو عن البعض، لأن القصاص لا يتجزأ، وذكر البعض فيما لا يتبعض ذكر الكل كالطلاق وتسليم الشفعة وغيرهما، واذا سقط‍ القصاص بالعفو لا ينقلب مالا لأن حق الولى فى القصاص عينا.

وهذا اذا كان الولى واحدا فأما اذا كان اثنين أو أكثر فعفا أحدهما سقط‍ القصاص عن القاتل، لأنه سقط‍ نصيب العافى بالعفو فيسقط‍ نصيب الآخر ضرورة أن القصاص لا يتجزأ، اذ القصاص قصاص واحد فلا يتصور استيفاء بعضه دون بعض وينقلب نصيب الآخر مالا باجماع الصحابة الكرام رضى الله تعالى عنهم، فانه روى عن عمر وعبد الله ابن مسعود وابن عباس رضى الله تعالى عنهم أنهم أوجبوا فى عفو بعض الأولياء الذين لم يعفوا نصيبهم من الدية وذلك بمحضر من الصحابة رضى الله تعالى عنهم ولم ينقل أنه أنكر أحد عليهم فيكون اجماعا.

وقال فى الفتاوى (١) الهندية: ان صالح أحد الشركاء من نصيبه فى القصاص على

عوض أو عفا سقط‍ حق الباقين عن القصاص وكان لهم نصيبهم من الدية ولا يجب للعافى شئ من المال واذا كان القصاص بين رجلين فعفا أحدهما فللآخر نصف الدية فى مال القاتل فى ثلاث سنين ولو عفا أحد الوليين وعلم الآخر أن القتل حرام عليه فقتل فعليه القصاص وله نصف الدية فى مال القاتل وان لم يعلم بالحرمة فعليه الدية فى ماله علم بالعفو أو لم يعلم.

رجل قتل رجلين ووليهما واحد فعفا الولى عن القصاص فى أحدهما ليس له أن يقتله الآخر.

[مذهب المالكية]

جاء فى الشرح الكبير (٢): اذا عفا البعض أى عفا بعض مستحق الدم مع تساوى درجتهم بعد ثبوت الدم ببينة أو اقرار أو قسامة سقط‍ القود، واذا سقط‍ القود فلمن بقى ممن لم يعف وله التكلم أو هو مع غيره نصيبه من الدية أى دية عمد، وكذا اذا عفا جميع من له التكلم مترتبا فلمن بقى ممن لا تكلم له نصيبه من دية عمد كولدين وزوج أو زوجة، لأنه مال ثبت بعفو الأول، بخلاف ما لو عفوا فى فور واحد فلا شئ لمن لا تكلم له كما اذا كان من له التكلم واحدا وعفا.

قال الدسوقى: ان من عفا سقط‍ حقه من الدم ومن الدية وما بقى منها يكون لمن بقى ممن له التكلم ولغيره من بقية الورثة كالزوج


(١) الفتاوى الهندية ج ٦ ص ٢١ الطبعة السابقة.
(٢) حاشية الدسوقى ج ٤ ص ٢٦٢ الطبعة السابقة.