للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ومنها أنهم يلتهون بها عن صلاة الجماعة. بها.

وقد كثرت فى هذه الأيام، وكثر فيها الجدال وانتشر فيها القيل والقال، وحدثت بسببها فتن وشرور، واختلفت فيها فتاوى العلماء وتصانيفهم، ونظمت فى مدحها وذمها القصائد.

فالذى يتعين على العاقل أن يجتنبها بالكلية الا لضرورة شرعية.

ومن سلم من هذه العوارض كلها الموجبة للحرمة فانها ترجع فى حقه الى أصل الاباحة (١).

[مذهب الحنابلة]

جاء فى مطالب أولى النهى: «القهوة يحصل لشاربها النشاط‍ والروحانية وطيب الخاطر بما لا يحصل من غيرها، لأنها تجفف الرطوبة. ويحصل للبدن بها خفة عظيمة فينشط‍ ويذهب عنه الكسل والنعاس.

وينشأ عن هذا النشاط‍ انبعاث لما الشخص بصدده من الأشغال الدينية والدنيوية، وهذا النشاط‍ يختلف باختلاف أمزجة الناس، وأقرب ما تشبه حالة صاحبه حينئذ حالة من يرد عليه وارد بسط‍ مجهول السبب.

وغاية ما يمكن أن يقال فى حكم القهوة للوسائل حكم المقاصد.

فان قصدت للاعانة على قربة كالتقوية على السهر لمطالعة العلوم النافعة أو المذاكرة لفهم المسائل الدقيقة ونحو ذلك كانت قربة.

وان قصدت للاعانة على قول أو فعل مباح كمسامرة الاخوان والأهل فهى مباحة.

وان قصدت للاعانة على مكروه لتطويل السهر بعد العشاء مع غير أهل وضيف فهى مكروهة.

وان قصدت للاعانة على حرام كالسهر لسماع الغناء وآلات اللهو فهى محرمة ..

وهذا هو الصواب ان شاء الله تعالى - لأن الأمور بمقاصدها (٢).

غير أنه يحرم التشبه بشراب الخمر، ويعزر فاعل ذلك، وان كان المشروب مباحا فى نفسه.

فلو اجتمع جماعة ورتبوا مجلسا، وأحضروا أدوات الشراب والأقداح، وصبوا فيها شرابا مباحا، ونصبوا ساقيا عليهم يسقيهم فيأخذون من الساقى ويشربون ويحيى بعضهم بعضا بكلماتهم المعتادة حرم ذلك، وان كان المشروب مباحا فى


(١) كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر خليل المعروف بالحطاب ج‍ ١ ص ٩٠، ص ٩١ طبع مطبعة السعادة بمصر سنة ١٣٢٨ هـ‍ الطبعة الأولى.
(٢) مطالب أولى النهى فى شرح غاية المنته ج‍ ٦ ص ٢١٦ الطبعة السابقة.