للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من غير عذر، فان استدام لبس المخيط‍ ولو لحظة فوق المعتاد من خلعه فداه.

وان لبس بعد احرامه ثوبا كان مطيبا وانقطع ريحه اذا رش فيه ما فاح ريحه فدى، أو افترشه ولو تحت حائل غير ثيابه لا يمنع ريحه ومباشرته اذا رش فيه ما فاح ريحه فدى. ومن رفض احرامه لم يفسد وحكم احرامه باق، فان فعل محظورا بعد رفضه احرامه فعليه فداؤه لبقاء احرامه (١)

[مذهب الظاهرية]

قال ابن حزم الظاهرى: من احتاج الى حلق رأسه وهو محرم لمرض أو صداع أو لقمل أو لجرح به أو نحو ذلك مما يؤذيه فليحلقه وعليه أحد ثلاثة أشياء هو مخير فى أيها شاء، لا بد له من أحدها: اما أن يصوم ثلاثة أيام، واما أن يطعم ستة مساكين متغايرين لكل مسكين منهم نصف صاع تمر، ولا بد، واما أن يهدى شاة يتصدق بها على المساكين أو يصوم أو يطعم أو ينسك الشاة فى المكان الذى حلق فيه أو فى غيره، فان حلق رأسه لغير ضرورة أو حلق بعض رأسه دون بعض عامدا، عالما أن ذلك لا يجوز بطل حجه فلو قطع من شعر رأسه ما لا يسمى به حالقا بعض رأسه فلا شئ عليه، لا اثم ولا كفارة بأى وجه قطعه أو نزعه.

برهان ذلك قول الله عز وجل «فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ.}. الآية (٢)»

فان حلق رأسه بنورة فهو حالق فى اللغة، ففيه ما فى الحالق من كل ما ذكرنا بأى شئ يحلقه. فان نتفه فلا شئ عليه فى ذلك لأنه لم يحلقه، والنتف غير الحلق لقول الله تعالى «وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا» (٣).

وانما جاء النهى والفدية فى الحلق لا فى النتف، ومن قتل صيدا متصيدا له ذاكراً لإحرامه عامداً لقتله فقد بطل حجه أو عمرته لبطلان احرامه وعليه الجزاء مع ذلك لقول الله تعالى «لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ، وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ.}. الآية».

أما المتعمد لقتل الصيد وهو محرم فهو مخير بين ثلاثة أشياء أيها شاء فعل وقد أدى ما عليه أما أن يهدى مثل الصيد الذى قتل من النعم وعليه من ذلك ما يشبه الصيد الذى قتل مما قد حكم به عدلان من الصحابة رضى الله عنهم أو من التابعين رحمهم الله وليس عليه أن يستأنف تحكيم حكمين الآن، وان شاء أطعم مساكين، وأقل ذلك ثلاثة، وان شاء نظر الى ما يشبع ذلك الصيد من الناس فصام بدل كل إنسان يوما لقول الله عز وجل «فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ.}. الآية» وبيض النعام وسائر الصيد حلال للمحرم وفى الحرم الا ان وجد فيها فرخ حى فمات، فجزاؤه بجنين من مثله لأنه صيد قتله، ومن قتل الصيد مرة بعد مرة فعليه لكل مرة جزاء، وليس قول الله تعالى «وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ، وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ} (٤)» بمسقط‍ للجزاء عنه لأن الله تعالى لم يقل لا جزاء عليه بل قد أوجب


(١) كشاف القناع ج‍ ١ ص ٥٧٤ إلى ص ٥٩٤ الطبعة السابقة.
(٢) سورة البقرة: ١٩٦.
(٣) سورة مريم: ٦٤.
(٤) سورة المائدة ٩٥.