وقوله تعالى:«فان كان الذى عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل». وان أهل هذه الصفة لا يوفون أموالهم ولكن يكسبون فيها ويرزقون ويرفق بهم فى الكلام. ولا يقبل قرارهم ولكن يقر عنهم وليهم الناظر لهم فصح هذا بيقين.
وظاهر من هذا ان ابن حزم لا يرى الحجر مطلقا الا على اثنين الصغير حتى يبلغ والمجنون حتى يفيق أخذا من الحديث الشريف والادلة التى ذكرها. ولا حجر عنده على السفيه والمدين وذى الغفلة. وان اقرار المحجور عليه من الصغير والمجنون غير صحيح ولا مقبول شرعا مطلقا فى مال ولا فى غيره. ولكن يقر عنهم وليهم الناظر لهم. وليس هنا مجال البحث فى الصحيح وغير الصحيح من الاقوال ولامكان استعراض الادلة من الطرفين ومناقشتها.
[مذهب الزيدية]
والمفلس فى الشرع (١) من لا يفى ماله بدينه .. ويقبل قول من ادعى الاعسار أو الافلاس لاجل حق يدعى عليه به حيث ظهر الافلاس أو الاعسار من حاله اذ يظهر ذلك بقرائن الاحوال والتصرف فى الاموال - واذا كان الظاهر من حاله الاعسار وحكم له به. فأدعى غريمه أنه قد صار موسرا وجب أن يحلف المعسر ثم كذلك كلما لبث مدة ثم أدعى ايساره حلف له أيضا اذا كان قد تخلل بين الادعائين مدة يمكن أن يحدث فيها اليسار بالكسب بحسب العادة لا بمقتضى قدرة الله والا فيلزم أن يحلف له فى كل ساعة .. واذا ثبت عند الحاكم أعساره فلا يمكن الغرماء من ملازمته ولكنه يحال بينه وبين الغرماء. وقيل. لا يحال بينه وبين الغرماء بل يمكن الغرماء من ملازمته ومشاهدة كسبه على وفاء الديون .. وان لم يظهر اعساره بل كان من الظاهر يساره او التبس الامر فى ذلك أقام بينة أنه معسر وحلف مع البينة على القطع بأنه معسر - ولا يقال أن البينة هنا على النفى اى لا يملك شيئا فلا تقبل لأنها قد تضمنت الاثبات وهو سقوط المطالبة عنه. على أن البينة فى الواقع على الاعسار وهو اثبات. فان لم يجد بينة هل يحبس أو يحلف قيل يحبس حتى يغلب على ظن الحاكم اعساره .. وانما حلف مع البينة لانها غير محققة اذ هى على ظاهر الحال والمال قد يخفى. وتكون محققة اذا كانت على اقرار الغرماء أصحاب الديون بالاعسار. واذا أقام كل منهما بينة فبينة المعسر أولى لانها كالخارجة - واذا طلب المدين تحليف الغريم ما يعلم أنه معسرا أجيب الى ذلك فان لم يحلف لم يحبس المدين. وقيل يحبس من غير يمين صاحب الدين واذا اشترى عينا ثم أفلس ولم يستطع دفع الثمن والمبيع فى يده. فالبائع أولى به أو بما تعذر دفع ثمنه منه. وكذا اذا تلف بعض المبيع فالبائع اولى بما بقى منه اذا تعذر دفع ثمن هذا الباقى - وهذا اذا طرأ الافلاس بعد البيع والقبض أو كان موجودا وقت البيع ولكن جهل ولم يظهر. اما اذا كان البائع عالما بافلاس المشترى لم يكن أولى بالمبيع بل يكون اسوة الغرماء.
(١) شرح الازهار ج ٤ من باب التفليس والحجر صفحة ٢٧٦ وما بعدها