للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وللمفلس ان يتصرف فى السلعة المشتراه كل تصرف بعد افلاسه من بيع أو هبة أو وقف اذا وقع ذلك التصرف قبل أن يصدر الحجر عليه من الحاكم. وكذا لو أقر بها للغير صح اقراره. قالوا ما لم يثبت أنه أقر توليجا فان ثبت ذلك بطل الاقرار. والتوليج لا يفيد الملك فى المال ولكنه يكون كالوصية بعد الموت من الثلث. والمذهب أن التوليج يبطل كله اذا ثبت. والتوليج ليس كالوصية من كل وجه

وفى موضع آخر (١) قال: أن الحجر فى اللغة هو المنع والتضييق. ومنه سمى الحرام محجورا لانه ممنوع فلما منع الحاكم من التصرف سمى فعله حجرا وفى الشرع أن يقول الحاكم للمديون مثلا: حجرت عليك التصرف فى مالك. ومن أسباب الحجر.

الدين. والصغر. والجنون والرق والمرض والرهن .. وليس من أسباب الحجر عند الزيدية التبذير والسفه. قال زيد بن على والناصر وأبو حنيفة لا يصح الحجر لواحد منها. وقال الشافعى وأبو يوسف ومحمد يصح الحجر لكل واحد منها. والتبذير الانفاق فى وجه الرياء والسمعة والعبث نحو عقر البهائم فى الاعزيات ونحوها. واما السفه فهو الذى لا يبالى فى الغبن فيما باع أو شرى ولا يعلم هدايته الى الغالى والرخيص وليس من السفه تصرفه فى أكل الطيب من الطعام ولبس النفيس من الثياب وفاخر المشموم لقوله تعالى:

«قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق». وقال البعض: هو الانفاق فى الزائد على الاقتصاد وعلى ما يحتمله الحال.

وانما يصح الحجر على المديون فى الدين الحال لا فى الدين المؤجل - واذا كان من الديون حال ومؤجل يدخل المؤجل فى الحجر تبعا للحال - وليس للحاكم أن يحجر على المديون الا أن طلب خصومه وهم أهل الدين الحجر عليه. فان حجر عليه من غير طلب لم يصح الحجر واذا طلب بعضهم الحجر لزم الحاكم أن يحجر بطلبه ويكون حجرا للكل ولو كانوا غيبا. وهذا اذا أطلق اما لو قال: حجرت عليك حتى توفى فلانا لم يكن ذلك حجرا لغيره ..

ويتناول الحجر المال الزائد على الدين والمستقبل ايضا .. واذا أدعى رجل دينا على شخص وطلب الحجر عليه قبل ان يقيم البينة على الدين جاز للحاكم أن يحجر ولو قبل التثبيت بالدين بثلاثة أيام ويرتفع الحجر بعدها ان لم يقم البينة. فان أقام البينة فى الثلاث نفذ الحجر … والحجر يدخله التعميم نحو أن يقول حجرتك عن التصرف فى مالك والتخصيص بالزمان نحو حجرتك سنة. والمكان نحو حجرتك عن التصرف فى غير بلدك. والسلعة نحو حجرتك عن التصرف فى دارك أو عندك أو فى السلعة الفلانية. وقدر من المال نحو حجرتك عن التصرف فى ثلث مالك والشخص نحو حجرتك أن تبيع من فلان - وفى كل ذلك لا ينفذ من المحجور عليه فيما تناوله الحجر تصرف. ولا اقرار الا بأجازة الحاكم أو الغرماء أو بعد فك الحجر عنه بأن يقضى ديونهم أو يسقطها بوجه فاذا انفك الحجر بعد العقد الذى وقع فى حال الحجر نفذ .. ولو أقر بعين لغيره ثم قضاها الحاكم للغرماء فأن كانت


(١) شرح الازهار ج‍ صفحة ٢٨٤ وما بعدها.