للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كالتسبيح فليس بلغو انما اللغو فى القول المكروه.

وقال آخرون: اللغو لا يفسد الفرض وانما ورد النهى لكمال الثواب وعلى هذا ان لم يخرج من المسجد فلا نقض عليه (١).

[ما يفسد الصوم وما لا يفسده]

[مذهب الحنفية]

جاء فى بدائع الصنائع أن الصوم لا يوجد بدون ركنه لأن انتقاض الشئ عند فوات ركنه أمر ضرورى وذلك بالأكل والشرب والجماع سواء كان صورة ومعنى أو صورة لا معنى أو معنى لا صورة وسواء كان بغير عذر أو بعذر وسواء كان عمدا أو خطأ طوعا أو كرها بعد أن كان ذاكرا لصومه لا ناسيا ولا فى معنى الناسى والقياس أن يفسد وان كان ناسيا.

وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى لولا قول الناسى أن أبا حنيفة خالف الأمر لقلت يقضى لكنا تركنا القياس بالنص وهو ما روى عن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال من نسى وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فان الله عز وجل أطعمه وسقاه حكم ببقاء صومه وعلل بانقطاع نسبة فعله عنه باضافته الى الله تعالى لوقوعه من غير قصده.

وروى عن أبى حنيفة أنه قال لا قضاء على الناسى للأثر المروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والقياس أن يقضى ذلك ولكن تباع الأثر أولى اذا كان صحيحا وحديث أبو حنيفة حيث قال وليس حديث شاذ نجترئ على رده وكان من صيارفة الحديث.

وروى على وابن عمر وأبى هريرة رضى الله تعالى عنهم مثل مذهبنا ولأن النسيان فى باب الصوم فما يغلب وجوده ولا يمكن دفعه الا بحرج فجعل عذرا دفعا للحرج.

وعن عطاء والثورى أنهما فرقا بين الأكل والشرب وبين الجماع ناسيا فقالا يفسد صومه فى الجماع ولا يفسد فى الأكل والشرب لأن القياس يقتضى الفساد فى الكل لفوات ركن الصوم فى الكل الا أنا تركنا القياس بالخبر وأنه ورد فى الأكل والشرب فبقى الجماع على أصل القياس وأنا نقول نعم الحديث ورد فى الأكل والشرب لكنه معلول بمعنى يوجد فى الأكل وهو أنه فعل مضاف الى الله تعالى على طريق التخصيص بقوله فأنما أطعمه الله وسقاه، قطع اضافته عن العبد لوقوعه فيه من غير قصد. واختياره هذا المعنى يوجد فى الكل والعلة اذا كانت منصوصا عليها كان الحكم منصوصا عليه ويتعمم الحكم بعموم العلة وكذا معنى الحرج يوجد فى الكل ولو أكل فقيل له انك صائم وهو لا يتذكر أنه صائم ثم علم بعد ذلك فعليه القضاء.

فى قول أبى يوسف رحمه الله تعالى وعند زفر والحسن وزياد رحمهما الله تعالى لا قضاء عليه لأنه لما تذكر أنه كان صائما تبين أنه أكل ناسيا فلم يفسد صومه.

وعند أبى يوسف رحمه الله تعالى عليه القضاء لأنه أكل متعمدا لأن عنده أنه ليس بصائم فيبطل صومه ولو دخل الذباب حلقه لم يفطره لأنه لا يمكنه الاحتراز عنه فأشبه الناسى ولو أخذه فأكله فطره لأنه تعمد أكله وان لم يكن مأكولا كما لو أكل التراب ولو دخل الغبار أو الدخان أو الرائحة فى حلقه لم يفطره لما قلنا وكذا لو ابتلع البلل الذى بقى بعد المضمضة فى فمه مع البزاق أو ابتلع البزاق الذى اجتمع فى


(١) المرجع السابق ج ١ ص ٦١٤، ص ٦١٥